لما عرفت أن المروي ذكر ذلك كلّه وحكمه بما لامزيد عليه، وأظنّه أسقط ذلك حتّى يظهر عند العوام فضله، وإلاّ كيف يحتمل المطلع على حال ابن تيميّة أنّه لا يدري هذا الحديث ولا من رواه ولا كيفيّة الحال فيه، فإن كان لا يدري فهو الذي قلت : من أنّ الله شاء فضيحته بالجهل، وإن كان يدري ومع ذلك يتجاهـل حتّى يظهر للعامّة نصـبه وعداوته للإمام الجواد ابن الرضا وهو الأظهر من سيرته، فقد كشف الله الحال وأظهر الكمال.
وأمّا قوله : وأيضاً فإنّ في هذه التقاسيم ما يبين جهل السائل وقد نزّه الله من يكون إماماً معصوماً عن هذا الجهل وهو قوله : «أفي حلّ قتله أم في حرم»، فإنّ المحرم إذا قتل الصيد وجب عليه الجزاء سواء كان في الحلّ أم في الحرم باتّفاق المسلمين، والصيد الحرمي يحرم قتله على المحلّ والمحرم، فإذا كان محرماً وقتل صيداً حرميّاً تؤكّدت الحرمة ولكن الجزاء واحد (١).
أقول : لا يخفى على كلّ من له خبرة بلسان العرب ومحاورات الناس أنّ كلام ابن تيميّة تشنيع وتنقيص وتبكيت على الإمام الجواد، وهو كفر باتّفاق المذاهب الأربعة كما عرفت، لأنّه ردّ على الله ورسوله في آل رسول الله، وقد عرفت وجه التقسيم في قتله في الحلّ أم الحرم في كلام الجواد، وأنّه إذا قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة عند أهل البيت، والحكم باتّحاد الجزاء وعدم التضاعف فيما إذا كان القتل في الحرم ليس ممّا يقال في قبال محمّد بن علي الجواد عالم أهل البيت،
____________________
(١) منهاج السنّة النبويّة ٤ : ٧٢.