وقد عرفت أنّه كان يجلس في المدينة في المسجد ويفتي الناس فلا اعتراض عليه في فتواه، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لاُمّته في أهل بيته في حديث طويل : «ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم»، أخرجه الطبراني في حديث الثقلين (١) .
وأخرج الملاّ حديث : «في كلّ خلف من اُمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا وإنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله فانظروا من توفدون» (٢) .
وفي حديث أبي هريرة الطويل الذي رواه السيوطي في الخصائص عن أبي نعيم ما لفظه : قال يعني موسى بن عمران عليهالسلام : «يا ربّ أنّي أجد في الألواح اُمّة يؤتون العلم الأوّل والعلم الآخر فيقتلون قرون الضلالة والمسيح الدجّال فاجعلها اُمّتي» قال : «تلك اُمّة أحمد» الحديث (٣) ، والمراد بقرينة الحديث السابق وذكر الدجّال آل محمّدعليهمالسلام.
وأقول : إذا لم يكن الجواد في عصره من العدول من أهل بيته الذين ينفون ما ذكر عن الدين وممّن يؤتى العلم الأوّل والعلم الآخر، فمَن؟! فإنّه صاحب ذلك المقام، وصاحب الإمامة العظمى، والقطبيّة الكبرى، والمجدّد في رأس تلك المائة كما في حديث أحمد بن حنبل المتقدّم ذكره (٤) ، لكن ابن تيميّة قد طبع الله على قلبه، وأصمّه وأعماه وأضلّه وأغواه عن كلّ هذه المعارف، لا يعرف منهم إلاّ التشنيع على آل الرسول، وقلب كلّ مكرمة
____________________
(١) المعجم الكبير للطبراني ٥ : ١٦٧ / ٤٩٧١، وانظر مجمع الزوائد ٩ : ١٦٤.
(٢) عنه في ذخائر العقبى : ٢٧، شرف المصطفى ٥ : ٣١٧ / ٢٢٦٦، الصواعق المحرقة ٢ : ٤٤١، رشفة الصادي : ١٢٣، ينابيع المودّة ٢ : ١١٣ / ٣١٨.
(٣) الخصائص الكبرى ١ : ٢١، الدرّ المنثور ٣ : ١٢٤.
(٤) تقدّم في ص : ٣٤٠.