لا يعطيه ، وقد علق وجوب التصدق بالدرهم على اعطائه اياه ، وهو متوقف عليه عقلا ؛ إذ على تقدير عدم اعطاء زيد درهما يكون التصدق به منتفيا بانتفاء موضوعه ، فالقضية مسوقة لبيان الموضوع ، ولا دلالة لها على المفهوم ، وانتفاء وجوب التصدق بالدرهم عند اعطاء غير زيد ايّاه. والآية الشريفة من هذا القبيل بعينه ، فلا دلالة لها على المفهوم ، ولا أقل من الشك في أن مفادها هو المعنى الأول أو الثاني أو الثالث ، فتكون مجملة غير قابلة للاستدلال بها على حجية خبر العادل. (١)
ويمكن أن يقال : أن المستظهر من القضايا الشرطية في الأحكام القانونية هو جعل طبيعة الموضوع مقسما بين المنطوق والمفهوم ، وحينئذ لا يكون الشرط قيدا له إلّا اذا قامت قرينة على التقييد. ومن المعلوم أن الموضوع حينئذ لا يساوي مع الشرط ، بل هو اعم منه ، ومقتضاه هو كون الحكم المشروط مترتبا على حصة من الطبيعي ، فحينئذ يدل على المفهوم بالنسبة الى الحصص الاخرى فيما اذا انتفى الشرط ، كما لا يخفى.
ففي مثل السلام مما له أحكام مختلفة ، إذا قيل إذا جاءكم مؤمن بسلام فأجيبوه كان ظاهره انه أن لم يجئ مؤمن بسلام فلا يجب الجواب بالسلام. ووجه ذلك أن السلام مما له أحكام مختلفة ، ويستظهر من الجملة الشرطية أن الموضوع هو طبيعة السلام وله أحكام ، وليس الموضوع هو السلام الخاص الذي جاء به المؤمن حتى تكون القضية مسوقة لبيان تحقق الموضوع ويتوقف على الموضوع المذكور عقلا ولا يكون له مفهوم.
ففي الآية الكريمة يكون النبأ موضوعا طبيعيا لا موضوعا خاصا ، وقوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) يدل على حكم من أحكام هذه الطبيعة ، وحيث أن الموضوع مع عدم الشرط محفوظ ، فللقضية حينئذ مفهوم ، وهو أنه اذا لم يجئ فاسق بنبإ بل جاء عادل فلا يجب التبيّن ، هذا بخلاف الشرطية المحققة للموضوع ؛ فان الموضوع فيها لا يكون محفوظا بدون الشرط ، كما لا يخفى.
__________________
(١) مصباح الأصول : ٢ : ١٦١ و ١٦٢.