وغير ذلك من الأخبار ممّا دلّ على لزوم شهادة عدلين في ثبوت الهلال. وتقريب الاستدلال بها على عدم كفاية قول الثقة أنها دلت على اعتبار البينة ، ولا خصوصية لمورد الهلال ، فمع دلالة تلك الأخبار لا مجال للأخذ ببناء العقلاء.
ويمكن الجواب عنه بأنّه : لا اشكال في دلالتها على لزوم شهادة عدلين في ثبوت الهلال ، وإنّما الكلام في أن هذه الأخبار مختصة بموردها أو يعم غيرها ، والغاء الخصوصية مشكل مع أنّ مورد هذه الروايات مما لا يحصل عادة الوثوق النوعي بشهادة واحد من الثقات أو العدول ؛ لعدم رؤية الآخرين الذين في صدد الرؤية ، فاعتبار شهادة العدلين في مثل هذه الموارد لا ينافي وجود بناء العقلاء في غيرها مما يحصل الوثوق النوعي بشهادة أحد من الثقات كإخبار الثقة بعزل الوكيل كما صرح بكفايته في خبر هشام بن سالم (١) أو إخبار البائع الثقة باستبراء الامة كما في خبر حفص بن البختري (٢) أو إخبار الثقة بالوصية كما في خبر اسحاق بن عمار (٣) أو إخبار الثقة بدخول الوقت كما في خبر ذريح (٤) وغير ذلك من الموارد.
ومنها : خبر علقمة قال : قال الصادق عليهالسلام : وقد قلت له : يا ابن رسول الله أخبرني عمن تقبل شهادته ومن لا تقبل. فقال : يا علقمة كل من كان على فطرة الاسلام جازت شهادته. قال : فقلت له : تقبل شهادة مقترف بالذنوب؟ فقال : يا علقمة لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلّا شهادة الانبياء والاوصياء عليهالسلام ؛ لأنهم المعصومون دون سائر الخلائق. فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر ، وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنبا ، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج من ولاية الله داخل في ولاية الشيطان. (٥)
__________________
(١) الوسائل : الباب ٢ من أبواب كتاب الوكالة : ح ١.
(٢) الوسائل : كتاب التجارة الباب ١١ من أبواب بيع الحيوان : ح ٢.
(٣) الوسائل : الباب ٩٧ من أبواب الوصايا : ح ١.
(٤) الوسائل : الباب ٣ من أبواب الاذان والاقامة : ح ١.
(٥) الوسائل : الباب ٤٠ من أبواب الشهادات : ح ١٣.