هذا الاحتمال صار مفاد الحديث مجملا فإن كان مفاد الحديث هو الحكم بالسعة من ناحية الحكم الواقعي المجهول كان الحديث معارضا مع أدلة وجوب الاحتياط وإن كان مفاد الحديث هو الحكم بالسعة ما دام لم يعلموا بضيق ما ولو ضيق الاحتياط فلا ينافي ذلك وجوب الاحتياط بأدلته بل يكون كالبراءة العقلية التي لا تنافي وجوب الاحتياط وحيث يحتمل في قراءة الحديث احتمالان فلا تقاوم هذه الرواية مع أدلة وجوب الاحتياط.
مندفعة بما عرفت من ظهور كون متعلق العلم هو الحكم الواقعي مثل قوله عليهالسلام رفع ما لا يعلمون فكما أنّ دليل حديث الرفع ينافي دليل وجوب الاحتياط فكذلك في المقام دليل السعة عند الجهل بالحكم الواقعي ينافي أيّ ضيق ولو كان بعنوان وجوب الاحتياط وعليه فليس وجوب الاحتياط حاكما بالنسبة إلى دليل السعة من دون فرق بين أن يكون «ما» موصولة أو ظرفية فالصحيح دلالة الحديث على البراءة وبإطلاقه يشمل الشبهات الحكمية والموضوعية ودعوى أنّ ما ذكر تام لو ثبتت صحة سند قوله صلىاللهعليهوآله الناس في سعة ما لم يعلموا وأمّا مع ضعفه فلا يصلح للتمسك به فلا يبقى في المقام إلّا قوله عليهالسلام في موثقة السكوني هم في سعة حتى يعلموا.
وشموله للمقام محل تأمل لأن مورده كما أفاد السيّد المحقق الخوئي قدسسره هو خصوص اللحم وحكمه عليهالسلام بالإباحة إنّما هو من جهة كونه في أرض المسلمين فهي أمارة على التذكية وإلّا كان مقتضى أصالة عدم التذكية حرمة أكله وبالجملة مورد هذه الرواية هى الشبهة الموضوعية القائمة فيها الأمارة على الحلية فهي اجنبية عن المقام. (١)
مندفعة بأنّه لا يكون في موثقة السكوني قرينة على أنّ الطريق هو طريق المسلمين حتى يكون أمارة على التذكية بل السؤال عن سفرة وجدت في الطريق والإمام عليهالسلام لم يستفصل عن أنّ الطريق طريق المسلمين أو غيره اللهم إلّا أن يحمل جمعا بينه وبين ما دل على عدم جواز أكل اللحم من دون إحراز التذكية على تخصيص مورد هذه الرواية في اللحم بمورد جريان الأمارة.
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٧٩.