بوجوده في الشيء بل الذي يكون مناسبا مع الشبهة الحكمية هو ان يقال إنّ لحم الحمير المشكوك حلال حتى تعرف إنه حرام آخر وهو لا يساعد مع ذكر لام العهد ورجوع الضمير في «بعينه» إلى الحرام الموجود في الشيء كما لا يخفى.
ولعل إليه يؤول ما أشار إليه شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره في الدورة الأخيرة بقوله ولكن يمكن الإيراد على الكلام المزبور أعني التسرية إلى الشبهة الحكمية بأن يقال إنّ الظاهر أن يكون الدوران بين نفس الحلال والحرام المذكورين في الصدر وهو منحصر في الشبهة الموضوعية إذ لا دوران في الشبهة الحكمية من لحم الحمير بين اللحوم المعلوم الحرمة واللحوم المقطوع الحلية وبعبارة أخرى الظاهر انّ مورد الحكم بالحلية شيء قابل لأن يعرف فيه ذلك الحرام المعلوم.
إلّا أن يقال : يكفي صحة انطباق عنوان الحرام بما هو هو فالمراد إنّ كل كلّي كان فيه الحلال والحرام ولو لم يعرف عنوانهما بغير هذين العنوانين فهو حلال في أفراده المشتبهة حتى يعرف الحرام منه ولكنه مع ذلك لا يخلو عن التكلف فالظاهر اختصاص الرواية بالشبهة الموضوعية. (١)
قال سيدنا الإمام المجاهد قدسسره : إنّ قوله «بعينه» و«منه» و«فيه» ومادة «العرفان» المستعملة في الأمور الجزئية قرينة على الاختصاص فإنّ كل واحد من هذه الأمور وإن كان في حد نفسه قابلا للمناقشة إلّا أنّ ملاحظة المجموع ربما تصير قرينة على الاختصاص أو سلب الاعتماد بمثل هذا الإطلاق. (٢)
ويؤيده عدم اشتراط البراءة في هذه الأخبار بالفحص إذ لو كان لمراد أعمّ من الشبهة الحكمية لزم تقيدها بكونها بعد الفحص فتأمّل.
يمكن أن يقال : بأنّ الاستبانة المذكورة في الذيل تعمّ الاستبانة العلمية القطعية و
__________________
(١) أصول الفقه لشيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره : ٦٢٤
(٢) تهذيب الاصول ٢ : ١٨٨.