المحتملة أو الموهومة مع كونها خلاف الحكمة وحرجيا ومخلا بالامور وبالجملة وجوب الاحتياط ولو في المحتملات مزاحم بالعسر والحرج والاختلال وهو لا يناسب الشريعة السمحة السهلة ولو فرضنا بناء العقلاء عليه في خطابات الموالي والعبيد فلا يعمّ الخطابات الشرعية لأنّ بناء الشارع على السهولة والسمحة.
وثالثا : أنّ ما يحتج به لزم أن يكون أمرا يعرفه العقلاء لذلك والاحتمال عندهم لا يصلح لذلك إذ طريقة العقلاء في طاعة المولى مطلقا على لزوم الإتيان والترك فيما إذا قام العلم أو العلمي عليهما وأما إذا فحصوا ولم يعثروا على ذلك فهم يرخصون المكلف في عدم الإتيان أو الفعل ولو مع احتمال الوجوب في الأول والحرمة في الثاني ويرون المؤاخذة عليه مؤاخذة بلا حجة ويقبحونه لأنّ احتمال التكليف عندهم كعدمه نعم لو أمر المولى في بعض الموارد بمراعاة الاحتياط في المحتمل كان ذلك مما تقوم الحجة عليه ويلتزمون بمراعاة ذلك.
وهذه الطريقة ارتكازي لعرف العقلاء ولا يعدلون عنه في الإطاعة والمعصية وهذا هو المعبر عنه بقبح العقاب بلا بيان ولا مجال لاكتفاء الشارع بالاحتمال مع أنّ العقلاء لا يرونه حجة لأن عذرهم باق على حاله ويشهد لذلك أنّ الشارع المقدس لم يعين طريقة أخرى في أوامره ونواهيه بل قرّر ما يراه عرف العقلاء حجة حيث قال عزوجل : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). (١)
وقال عليهالسلام إنّ الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم (٢)
فاللازم في الاحتجاج هو بعث الرسل وإيصال الخطابات وإتيانها وتعريف المقاصد والمرادات ولا يكفي الاحتمال.
ورابعا : أنّه لو سلمنا أن المولوية الذاتية المطلقة تكون مقتضية للإطاعة المطلقة ولكن ليس هذا الطلب في جميع المراتب وجوبيا كما لا يخفى. ثم دعوى أنّ قاعدة قبح الظلم قد أخذ
__________________
(١) الاسراء / ١٥.
(٢) الكافي ١ : ١٦٤ باب حجج الله على خلقه ح ٤.