في موضوعها عنوان الظلم وهو عبارة عن سلب ذي الحق حقه ففى المرتبة السابقة لا بد من افتراض حق الآمر على المأمور لكي نفترض مخالفته سلبا لحقه وإلّا لم يكن ظلما فإن أريد إثبات ذلك بنفس تطبيق قاعدة قبح الظلم كان دورا وإن أريد بعد الفراغ عن ثبوت حق الطاعة والمولوية على العبد تطبيق هذه القاعدة فهو مستدرك وحشو من الكلام إذ بعد الفراغ عن حق الطاعة للمولى على العبد وبعد افتراض وجدانية القطع لدى القطع فلا نحتاج إلى شيء آخر. (١)
مندفعة بأن حق الآمر على المأمور والمولى على المولى عليه مفروض في الرتبة السابقة بعد وضوح منعميته ومولويته وربوبيته.
وصدق الظلم على سلبه لا يأتي من ناحية المحمول وهو التقبيح حتى يكون دوريا بل هو من ناحية كون الحق مما تقتضيه المنعمية والمولوية والربوبية ومن المعلوم أنّ سلب الحق المذكور مع وجود مقتضيه من المنعمية ونحوها يكفي في صدق الظلم فإذا ثبت الموضوع وهو الظلم يترتب عليه القبح وبعد حكم العقل بالقبح لزم التزام العبد بمراعاة هذا الحق وعليه فالاحتياج إلى المحمول بعد ثبوت الظلم واضح لأن الموضوع وهو الظلم لا يكون عين التقبيح بل يقتضي التقبيح وعليه تقبيح الظلم ليس بمستدرك كما لا يخفى.
وأمّا دعوى أن الاحتمال بنفسه بيان ومع احتمال التكليف لا مجال لقاعدة قبح العقاب بلا بيان لأن العبد كما يحتاط في موارد احتمال الإرادة الفاعلية لنفسه ما لم يزاحم بجهة أخرى من حرج ونحوه يجب عليه بالأولوية أن يحتاط في موارد احتمال الإرادات الآمرية لمولاه وإلّا كان ذلك نقصا في مقام عبوديته حيث لم يجعل نفسه بمنزلة جوارح المولى.
فهي مندفعة بما أفاد شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره من أنّ المطلوب في حق الفاعل ليس إلّا نيل أغراضه فلهذا يحتاط في مورد الاحتمال وأمّا العبد فليس المهم في حقه إلّا إقامة الحجة في جواب المولى ولا شبهة في أن عدم العلم حجة مقبولة من العبد. (٢)
__________________
(١) مباحث الحجج ١ : ٢٨.
(٢) حاشية الدرر : ٤٢٧.