قاعدة قبح العقاب بلا بيان تجري وتحكم هذه القاعدة بعدم ملازمة العقاب للتكليف المجهول لعدم وصوله وعدم بيانه فإذا حكمت هذه القاعدة بذلك فلا عقاب ولا ضرر بالنسبة إلى هذا التكليف المجهول ومع عدم العقاب والضرر لا يبقى موضوع لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل لأنّ قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل فرع احتمال الضرر أعني العقاب وهو منفي بقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ولا يخفى ما فيه فإن الوجوب النفسي في قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل أي العقوبة يستلزم منه تعدد العقاب عند مصادفة احتمال التكليف للواقع ولا يمكن الالتزام بذلك في هذه القاعدة وغيرها.
قال السيّد المحقق الخوئي قدسسره : إنّ احتمال التكليف لا يزيد على القطع به ولا تعدد للعقاب مع القطع بالتكليف فكيف مع احتماله. (١)
ومنها : ما أجابه السيّد المحقق الخوئي قدسسره من أنّ وجوب دفع الضرر المحتمل إرشادي بمعنى أن العقل يحكم ويرشد إلى تحصيل المؤمن من عقاب مخالفة التكليف الواقعي على تقدير تحققه والفرق بينه وبين الوجوب الطريقي أنّ الوجوب الطريقي هو المنشأ لاحتمال العقاب ولولاه لما كان العقاب محتملا بخلاف الوجوب الإرشادي فإنّه في رتبة لاحقة عن احتمال العقاب إذ لو لا احتمال العقاب لما كان هنا إرشاد من العقل إلى تحصيل الأمن منه.
وبذلك ظهر انّ مورد كل من القاعدتين أي قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل وقاعدة قبح العقاب بلا بيان مغاير لمورد الآخر ولا تنافي بينهما لعدم اجتماعهما في مورد واحد أبدا.
فإن احتمل العقاب مع قطع النظر عن وجوب دفع الضرر المحتمل بأن كان التكاليف المحتمل منجزا على تقدير ثبوته واقعا كما في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي والشبهة الحكمية قبل الفحص كان مورد لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل إرشادا إلى تحصيل المؤمن ولا مجال فيه لجريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان. (٢)
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٨٥.
(٢) وذلك لوجود البيان مع وجود العلم الإجمالى واحتمال البيان في الشبهة الحكمية قبل الفحص.