التكليف المحتمل بما هي كذلك وإن لم يكن في مورده تكليف في الواقع كما هو صريح شيخنا العلامة الأنصاري قدسسره في خصوص هذا البحث من الرسائل.
وعلى اي حال فهي ليست مصححة للمؤاخذة على مخالفة التكليف الواقعي المحتمل (حتى يصدق البيان بوجودها) أمّا على الأول فلأن استحقاق المؤاخذة مفروض في موضوعها (قاعدة دفع الضرر المحتمل) لا أنه ناش من حكمها فهذا الاستحقاق المفروض الثبوت لا بد من أن يكون بسبب مصحح للمؤاخذة غير هذه القاعدة فلذا ينحصر موردها في صورة العلم الإجمالي بالإضافة إلى كل من الطرفين أو بالإضافة إلى الخبر المنجز للواقع على تقدير مصادفته وأشباه ذلك.
وأما في ما نحن فيه فحيث لم يفرض فيه وجود المصحح فالقاعدة غير صالحة في نفسها للبيانية وأما على الثاني فلأنها على الفرض مصحح للمؤاخذة على مخالفة التكليف المحتمل بما هي مخالفة له مع قطع النظر عن الواقع فكيف يعقل أن تكون بيانا مصححا للمؤاخذة على الواقع.
وحيث إنّ عنوان القاعدة دفع الضرر المحتمل فموضوع هذا الحكم مما فرض فيه الوقوع في العقاب على تقدير ثبوته فلا يعقل أن يكون هذا الحكم طريقيا لأن المنجز لا يتنجز فيستحيل أن يكون هذا الحكم العقلي طريقيا بل إذا فرض هناك حكم فهو حكم نفسي حقيقي يترتب على مخالفته العقاب وهو أجنبي عن تنجيز الحكم الواقعي المجهول.
وحيث عرفت أنها لا تصلح أن يكون بيانا في نفسها فلا يعقل أن يكون في نفسها رافعة لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان بل رافعة لحكمها على تقدير سلامة موضوع نفسها فتدبره فإنه حقيق به. (١)
وعليه فتقديم قاعدة وجوب دفع الضرر على قاعدة قبح العقاب بلا بيان مع عدم صلاحيتها للبيان لزم أن يكون من باب التخصيص على تقدير سلامة موضوع نفسها لأن
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ١٩٢.