أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً)(١) وهو محتاج إلى تأمل زائد.
ولا يخفى أيضا أن جريان أصالة عدم التذكية يتوقف على ما إذا لم يكن أصلا موضوعيا آخر يدل على قبوله للتذكية كما إذا شك مثلا في ان الجلل في الحيوان هل يوجب ارتفاع قابليته للتذكية أم لا فأصالة قبول الحيوان للتذكية مع الجلل محكمة ومع أصالة قبوله للتذكية لا مجال لأصالة عدم تحقق التذكية فهو قبل الجلل كان يطهر ويحل بالفري بسائر شرائطها فالأصل إنه كذلك بعده. (٢)
فتحصل أنّ مع جريان أصالة عدم التذكية يحكم بحرمة أكل اللحم وعدم جواز الصلاة في أجزائه وأمّا النجاسة فهي غير مرتبة على غير المذكى حتى يحكم بثبوتها مع جريان أصالة عدم التذكية بل هي مرتبة على عنوان الميتة وهو أمر وجودي ومع جريان أصالة عدم الموت يحكم بعدم النجاسة وعدم حرمة الاستعمال وأمّا قاعدة الطهارة فهي لا تجري مع جريان أصالة عدم الموت لأن أصالة عدم الموت أصل موضوعي بالنسبة إليها كما لا يخفى.
ومما ذكرنا يظهر أنّ المتصف بالموت هو الحيوان لا اللحم والشاهد لذلك أنّه لا يقال : مات اللحم والجلد بل يقال مات الحيوان وعليه فالتذكية صفة في الحيوان لا في أجزائه ولا يصح جعلها صفة في أجزائه في الاستصحاب بأن يقال هذا اللحم كان سابقا غير مذكى والآن كان كذلك ومقتضى ذلك هو عدم جريان أصالة عدم التذكية في الجلود واللحوم المنفصلة المرددة بين كونها من المذكى أو غير المذكى فإذا لم تجر أصالة عدم التذكية في الأجزاء من الحيوان كالجلود واللحوم المستوردة من بلاد الكفار أمكن الأخذ بقاعدة الطهارة والحلية فيها والحكم بالطهارة وجواز الاستعمال ما لم يقم أمارة على عدم تذكيتها وما دام احتمل أن تكون تلك الجلود واللحوم المنفصلة من الجلود واللحوم التي صدرت
__________________
(١) الانعام / ١٤٥.
(٢) الكفاية ٢ : ١٩٠ ـ ١٩٣.