لاصله فهو كما أفاد السيد المحقق البروجردى قدسسره أسوأ حالا من تشكيك المشككين وتطرق الشبهات إليه. (١)
فتحصّل أنّ الآية الكريمة تدلّ على أنّ المحكي بهذا القرآن الملفوظ أو المكتوب الذي هو منزّل على النبي صلىاللهعليهوآله ليكون تذكارا للناس مصون عن التحريف والتضييع ومحفوظ عند الناس بحيث يمكن لهم أن يصلوا إليه فى كل عصر وزمن ولا مجال للإشكال على الاستدلال بالآية المذكورة بأنّ احتمال وجود التحريف في هذه الآية نفسها يمنع عن الاستدلال بها إذ لو اريد أن يثبت عدم التحريف بنفس الآية كان من الدور الباطل وذلك لأنّ احتمال التحريف بالزيادة منفي بإجماع المسلمين وإنّما الكلام في التحريف بالنقصان وعليه فالآية الكريمة التي يكون مصونة عن التحريف بالزيادة تدلّ على عدم وقوع التحريف بالنقصان كما لا يخفى.
وعليه فكلّ رواية تدلّ على التحريف بالنقصان مخالف للآية الكريمة ومردود بها.
ومنها قوله تعالى ، وإنّه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. (٢)
بتقريب أنّ الآية تدلّ على نفى طبيعة الباطل بجميع أقسامه عن الكتاب ولا شبهة في أنّ التحريف من أوضح أفراد الباطل فإنّ ما نقص يبطل بفصله من الكتاب كما يبطل الكتاب بالزيادة فيه ويخرج عن محض الوحى فيجب أن لا يتطرق التحريف إلى الكتاب العزيز.
هذا مضافا إلى أنّ توصيف الكتاب بالعزة كما أفاد السيد المحقق الخوئى قدسسره يقتضي المحافظة عليه من التغيير والضياع (٣)
إذ العزيز هو القادر الذى لا يغلب عليه. واحتمال إرادة حفظه من خصوص التناقض والكذب من لفظ الباطل لا يناسبه عموم نفى الباطل هذا مع أنّ توصيف الكتاب العزّة بما له
__________________
(١) نهاية الاصول : ١ / ٤٨٥.
(٢) فصلت / ٤٢ ـ ٤١.
(٣) البيان : ١٤٦.