بطاعة وعبادة ، فأمرهم أوّل النهار أن يبدأوا بعبادته ثمّ ينتشروا فيما أحبّوا من مؤونة دنياهم ، فأوجب صلاة الفجر عليهم ، فإذا كان نصف النهار وتركوا ما كانوا فيه من الشغل وهو وقت يضع الناس فيه ثيابهم ويستريحون ويشتغلون بطعامهم وقيلولتهم فأمرهم أن يبدأوا بذكره وعبادته ، فأوجب عليهم الظهر ثمّ يتفرّغوا لما أحبّوا من ذلك فإذا قضوا وطرهم (١) وأرادوا الانتشار في العمل لآخر النهار بدأوا أيضاً بعبادته ثمّ صاروا إلى ما أحبّوا من ذلك فأوجب عليهم العصر ، ثمّ ينتشرون فيما شاؤا من مؤونة دنياهم ، فإذا جاءالليل ووضعوا زينتهم وعادوا إلى أوطانهم بدأوا أوّلاً بعبادة ربّهم ثمّ يتفرّغون لما أحبّوا من ذلك فأوجب عليهم المغرب ، فإذا جاء وقت النوم وفرغوا ممّا كانوا به مشتغلين أحبّ أن يبدأوا أوّلاً بعبادته وطاعته ثمّ يصيرون إلى ما شاءوا أن يصيروا إليه من ذلك ، فيكونوا قد بدأوا في كلّ عمل بطاعته وعبادته ، فأوجب عليهم العتمة ، فإذا فعلوا ذلك لم ينسوهولم يغفلوا عنه ولم تقس قلوبهم ولم تقلّ رغبتهم.
فإن قال : فلِمَ إذا لم يكن للعصر وقت مشهور مثل تلك الأوقات أوجبهابين الظهر والمغرب ، ولم يوجبها بين العتمة والغداة ، أو بين الغداة والظهر ؟
قيل : لأنّه ليس وقت على الناس أخفّ ولا أيسر ولا أحرى أثراً فيه للضعيف (٢) والقويّ بهذه الصلاة من هذا الوقت ؛ وذلك أنّ الناس عامّتهم
__________________
(١) في حاشية «ل» عن نسخة : ظهرهم.
(٢) كذا في النسخ ، وفي العيون وبحار الأنوار العبارة هكذا : ولا أحرى أن يعمّ فيه الضعيف.