يشتغلون في أوّل النهار بالتجارات والمعاملات ، والذهاب في الحوائج ، وإقامة الأسواق ، فأراد أن لا يشغلهم عن طلب معاشهم ومصلحة دنياهم ، وليس يقدر الخلق كلّهم على قيام الليل ولا يشتغلون (١) به ولا ينتبهون لوقته لو كان واجباً ، ولا يمكنهم ذلك ، فخفّف الله عنهم ، ولم يجعلها في أشدّ الأوقات عليهم ، ولكن جعلها في أخفّ الأوقات عليهم ، كما قال الله تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٢) .
فإن قال : فلِمَ يرفع اليدين في التكبير ؟
قيل : لأنّ رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتّل والتضرّع ، فأوجب الله عزوجل أن يكون في وقت ذكره متبتّلاً (٣) متضرّعاً مبتهلاً (٤) ، ولأنّ في وقت رفع اليدين إحضار النيّة وإقبال القلب على ما قال وقصد ، لأنّ الفرض من الذكر إنّما هو الاستفتاح ، وكلّ سُنّة فإنّها تؤدّى على جهة الفرض ، فلمّا أن كان في الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحبّ أن يؤدّوا السُّنّة على جهة ما يؤدّى الفرض.
__________________
(١) في حاشية «ج» : ولا يشعرون.
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٨٥.
(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد أنّه في وقت ذكر الله تعالى يناسب التضرّع والابتهال خصوصاً في وقت هذا الذكر المخصوص ؛ لأنّه وقت إحضار النيّة وإقبال القلب ، فيكون التضرّع والابتهال أنسب. (م ق ر رحمهالله ).
(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : التبتّل : الانقطاع عن الخلق والاتّصال بجنابه تعالى والإقبال على عبادته ، والتضرّع والابتهال المبالغة في الدعاء والمسكنة ، ويطلق الابتهال على مدّاليدين عند الدعاء إلى السماء ، والتبتّل على تحريك السبّابة اليسرى برفعها إلى السماءو وضعها ، والتضرّع على تحريك السبّابة اليمنى يميناً وشمالاً ، كما ورد في الصحيح عن محمّد بن مسلم. (م ق ر رحمهالله ).
ورد الحديث في الكافي ٢ : ٤٨٠ / ٤.