قيل : لأن يلقى ربّه طاهر الجسد (١) ، ولئلاّ تبدو عورته لمن يحمله أو يدفنه ، ولئلاّ يظهر الناس على بعض حاله وقبح منظره ، ولئلاّ يقسو القلب من كثرة النظر إلى مثل ذلك للعاهة والفساد ، ولأن يكون أطيب لأنفس الأحياء ، ولئلاّ يبغضه حميم فيلغى ذكره ومودّته ، ولا يحفظه فيما خلّف وأوصاه وأمره به وأحبّ .
فإن قيل : فلِمَ أمر (٢) بدفنه ؟
قيل : لئلاّ يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغيّر ريحه ، ولا يتأذّى به الأحياء بريحه (٣) وبما يدخل عليه من الآفة والدنس والفساد وليكون مستوراً عن الأولياء والأعداء فلا يشمت عدوّ ولا يحزن صديق.
فإن قيل : فلِمَ أُمر مَنْ يغسّله بالغسل ؟
قيل : لعلّة الطهارة ممّا أصابه من نضح الميّت ؛ لأنّ الميّت إذا خرج منه الروح بقي منه أكثر آفته ، ولئلاّ يلهج الناس به وبمماسّته ؛ إذ قد غلبت علّة النجاسة والآفة.
فإن قيل : فلِمَ لا يجب الغسل على مَنْ مسّ شيئاً من الأموات من غير الإنسان كالطير والبهائم والسباع وغير ذلك ؟
قيل : لأنّ هذه الأشياء كلّها ملبسة ريشاً وصوفاً وشعراً ووبراً ، وهذا كلّه ذكيٌّ ولا يموت ، وإنّما يماسّ (٤) منه الشيء الذي هو ذكيٌّ من الحيّ
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : ولا يصير جسده من تراب القبر وغيره كثيفاً. (م ق ر رحمهالله ).
(٢) في حاشية «ج» عن نسخة : أُمروا.
(٣) في «ش ، ج ، ل» : وبريحه.
(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد أنّه لمّا كان غالب المماسّة هكذا فلذا رفع الغسل مطلقاً ، وإلاّ فيلزم وجوب الغسل إذا مسّ ما تحلّه الحياة منها. (م ق ر رحمهالله ).