فإن قال : فلِمَ اُمروا بحجّة واحدة لا أكثر من ذلك ؟
قيل : لأنّ الله تبارك وتعالى وضع الفرائض على أدنى القوم قوّةً كما قال الله عزوجل : ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ ) (١) ، يعني شاة ليسع القويّ والضعيف ، وكذلك سائر الفرائض إنّما وضعت على أدنى القوم قوّةً ، فكان من تلك الفرائض الحجّ المفروض واحداً ، ثمّ رغّب بعد أهل القوّة بقدر طاقتهم.
فإن قال : فلِمَ اُمروا بالتمتّع (في الحجّ) (٢) ؟
قيل : ذلك تخفيف من ربّكم ورحمة ؛ لأن يسلم الناس في إحرامهم (٣) ، ولا يطول ذلك عليهم ، فيدخل عليهم الفساد ، وأن يكون الحجّوالعمرة واجبين جميعاً ، فلا تعطّل العمرة وتبطل ، ولا يكون الحجّ مفرداًمن العمرة ، ويكون بينهما فصل وتمييز ، وأن لا يكون الطواف بالبيت محظوراً ؛ لأنّ المُحرم إذا طاف بالبيت قد أحلّ إلاّ لعلّة ، فلولا التمتّع لم يكن للحاجّ أن يطوف ؛ لأنّه إن طاف أحلّ وفسد إحرامه ويخرج منه قبل أداء الحجّ ، ولأن يجب على الناس الهدي والكفّارة فيذبحون وينحرونويتقرّبون إلى الله جلّ جلاله ، فلا تبطل هراقة الدماء والصدقة على المسلمين (٤) .
فإن قال : فلِمَ جعل وقتها عشر ذي الحجّة ، ولم يقدّم ولم يؤخّر ؟
قيل : قد يجوز أن يكون لمّا أوجب الله عزوجل أن يُعبد بهذه العبادة
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «ش ، ن».
(٣) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : من إحرامهم.
(٤) في حاشية «ج ، ل ، ش» عن نسخة : المسكين.