يقولون : إنّك تريد الخلافة ، فقال : «قد كان جماجم (١) العرب في يدي يحاربون من حاربت ، ويسالمون من سالمت ، تركتها ابتغاء وجه الله ، وحقن دماء اُمّة محمّد ، ثمّ أثيرها يا تيّاس (٢) أهل الحجاز».
قلنا : إنّ جبيراً كان دسيساً (٣) إلى الحسن عليهالسلام دسّه معاوية إليه ليختبره هل في نفسه الإثارة ، وكان جبير يعلم أنّ الموادعة التي وادع معاوية غير مانعة من الإِثارة التي اتّهمه بها ، ولو لم يجز للحسن عليهالسلام مع المهادنة التي هادن أن يطلب الخلافة لكان جبير يعلم ذلك فلا يسأله ؛ لأنّه يعلم أنّ الحسن عليهالسلام لا يطلب ما ليس له طلبه ، فلمّا اتّهمه بطلب ما له طلبه دسّ إليه دسيسة هذا ليستبرئ برأيه وعلم أنّه الصادق وابن الصادق ، وأنّه إذا أعطاه بلسانه أنّه لا يثيرها بعد تسكينه إيّاها فإنّه وفيٌّ بوعده صادق في عهده ، فلمّا مقته (٤) قول جبير قال له : يا تيّاس أهل الحجاز ، والتيّاس بيّاع عسب (٥) الفحل الذي هو حرام.
وأمّا قوله : بيدي جماجم العرب ، فقد صدق عليهالسلام ، ولكن كان من تلك الجماجم الأشعث بن قيس في عشرين ألفاً ويزيدونهم (٦) .
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الجماجم : السادات والقبائل التي تنسب إليها البطون. القاموس المحيط ٤ : ٣٠.
(٢) في النسخ إلاّ «ج» : ثانياً بين ، وفي حاشية «ل» عن نسخة كما في المتن.
وورد في حاشية «ج ، ل» : التيس : المعز ، والتيّاس : ممسكه. القاموس المحيط ٢ : ٣٢٢.
(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الدس : الاخفاء ، ودفن الشيء تحت الشيء. القاموس المحيط٢ : ٤٤ .
(٤) في «ل ، ن» : قصّه ، وفي حاشية «ل ، ج» عن نسخة : مقته ، وفي «ش ، ع ، س ، ح ، ج»وحاشية «ن» : نصّه.
(٥) في «س ، ش» : عسيب.
(٦) في «ج ، ل» : ويزهّدونهم.