أنس بن سيرين ، قال : حدّثنا الحسن بن عليّ عليهالسلام يوم كلّم فقال : «مابين جابرسا (١) وجابلقا (٢) رجل جدّه نبيّ غيري ، وغير أخي ، وإنّي رأيت أن أُصلح بين اُمّة محمّد وكنت أحقّهم بذلك ، فإنّا بايعنا معاوية ولعلّه فتنة لكم ، ومتاع إلى حين».
قلنا : ألا ترى إلى قول أنس كيف يقول : يوم كلّم الحسن ، ولم يقل : يوم بايع ؛ إذ لم يكن عنده بيعة حقيقة ، وإنّما كانت مهادنة كما يكون بين أولياء الله وأعدائه ، لا عموماً (٣) تكون بين أوليائه وأوليائه ، فرأى الحسن عليهالسلام رفع السيف مع العجز بينه وبين معاوية كما رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله رفع السيف بينه وبين أبي سفيان ، وسهل بن عمرو ، ولو لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآله مضطرّاً إلى تلك المصالحة (٤) والموادعة لما فعل.
فإن قال : قد ضرب رسول الله صلىاللهعليهوآله بينه وبين سهل وأبي سفيان مدّة ، ولم يجعل الحسن عليهالسلام بينه وبين معاوية مدّة ؟
قلنا : بل ضرب الحسن عليهالسلام أيضاً بينه وبين معاوية مدّة وإن جهلناها ولم نعلمها ، وهي ارتفاع الفتنة ، وانتهاء مدّتها ، وهو متاع إلى حين.
فإن قال : فإنّ الحسن قال لجبير بن نفير حين قال له : إنّ الناس
__________________
(١) في «ج ، س ، ش» وحاشية «ج ، ل» عن نسخة : جابرس.
(٢) في «ج ، ل» عن نسخة : جابلق.
وورد في حاشية «ج ، ل» : جابلق ، وبفتح اللام : بلد بالمشرق ليست وراءه أنيس. القاموس المحيط ٣ : ٢٩٤.
وجابلص بفتح الباء واللاّم أو سكونها : بلد بالمغرب ، ليست وراءه إنسيٌّ. القاموس المحيط ٢ : ٤٥٧.
(٣) في المطبوع : لا مبايعة ، وما أثبتناه من النسخ.
(٤) في «ج ، ل» : المصلحة.