كما أمرتكم - ولكن لم يكن يستطيع أن يحلّ من أجل الهدي الذي معه ، إنّ الله عزوجل يقول : ( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (١) - فقام سراقة بن مالك بن جُعشم الكناني فقال : يا رسول الله ، علِّمنا ديننا كأنّما خُلقنا اليوم (٢) ، أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لكلّ عام ؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا ، بل للأبد.
وأنّ رجلاً قام فقال : يا رسول الله ، نخرج حجّاجاً و رؤوسنا تقطر ؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّك لن تؤمن بهذا أبداً ، وأقبل عليٌّ عليهالسلام من اليمن حتّى وافى الحجّ فوجد فاطمة عليهاالسلام قد أحلّت ووجد ريح الطيب ، فانطلق إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله مستفتياً ومحرّشاً (٣) على فاطمة عليهاالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ياعليّ ، بأيّ شيء أهللتَ ؟ فقال : أهللتُ بما أهلّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال : لا تحلّ أنت ، وأشركه في هديه ، وجعل له من الهدي سبعاًوثلاثين ، ونحر رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاثاً وستّين نحرها بيده ، ثمّ أخذ من كلّ بدنة بضعةً فجعلها في قِدْر واحد ثمّ أمر به فطُبخ فأكلا منها وحسوا (٤)
__________________
لأنّه كان يشقّ عليهم أن يحلّوا وهو مُحرم ، فقال لهم ذلك لئلاّ يجدوا في أنفسهم ، وليعلموا أنّ الأفضل لهم قول مادعاهم إليه وأنّه لو لا الهدي لفعله. النهاية لابن الأثير ٤ : ٩ / قبل.
(١) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد إنّا كنّا قبل اليوم لعدم علمنا بأحكام الله بمنزلة المعدومين - في «ل» بمنزلة المعصومين - فكأنّنا خلقنا اليوم. (م ق ر رحمهالله ).
(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : ومنه حديث عليِّ عليهالسلام في الحجّ : «فذهبتُ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله محرّشاً على فاطمة» أراد بالتحريش هاهنا ذكر ما يوجب عتابه بها. النهاية لابن الأثير ١ : ٣٥٤ / حرش.
(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : حسا زبد المرق : شربه شيئاً بعد شيء ، والحُسوة -بالضمّ - : الشيء القليل منه. (م ق ر رحمهالله ).