سليمان بن داوُد المنقري ، عن فضيل بن عياض ، قال : سألت أباعبدالله عليهالسلام عن اختلاف الناس في الحجّ ، فبعضهم يقول : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله مُهلاًّ (١) بالحجّ ، وقال بعضهم : مُهلاًّ بالعمرة ، وقال بعضهم : خرج قارناً ، وقال بعضهم : خرج ينتظر أمر الله عزوجل.
فقال أبو عبدالله عليهالسلام : «علم الله عزوجل أنّها حجّة لا يحجّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بعدها أبداً ، فجمع الله عزوجل له ذلك كلّه في سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سُنّة لاُمّته ، فلمّا طاف بالبيت وبالصفا والمروة أمره جبرئيل عليهالسلام أن يجعلها عمرة إلاّ مَنْ كان معه هدي فهو محبوس على هديه لايحلّ ؛ لقوله عزوجل : ( حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٢) فجمعت له العمرة والحجّ ، وكان خرج على (٣) خروج العرب الأوّل ؛ لأنّ العرب كانت لا تعرف إلاّ الحجّ ، وهو في ذلك ينتظر أمر الله تعالى وهو يقول صلىاللهعليهوآله : الناس على أمر جاهليّتهم إلاّ ما غيّره الإسلام ، وكانوا لا يرون العمرة في أشهُر الحجّ فشقّ على أصحابه حين قال : اجعلوها عمرة ؛ لأنّهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهُر الحجّ ، وهذا الكلام من رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّما كان في الوقت الذي أمرهم فيه بفسخ الحجّ ، فقال : دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة ، وشبّك بين أصابعه - يعني : في أشهُر الحجّ - » قلت : أفيعتدّ بشيء من أمر الجاهليّة ؟ فقال : «إنّ أهل الجاهليّة ضيّعوا كلّ شيء من دين إبراهيم عليهالسلام إلاّالختان والتزويج والحجّ فإنّهم تمسّكوا بها ولم يضيّعوها» (٤) .
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : أهلّ الملبّي : رفع صوته بالتلبية. القاموس المحيط ٣ : ٦٤١ / الهلال.
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.
(٣) كلمة «على» لم ترد في البحار.
(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٩٠ / ٩.