صلىاللهعليهوآلهوسلم على المشركين : « قال : إنّا عباد الله ـ إلى أن قال ـ : أمرنا أن نعبده بالتوجّه إلى الكعبة ، أطعنا ، ثمَّ أمرنا بعبادته بالتوجّه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعنا » (١).
ولاستصحاب اشتغال ذمّة من صلّى إلى غيرها بالصلاة ، أو الصلاة إلى القبلة.
وتؤيّده المستفيضة المصرّحة بتحويل وجه النبيّ في الصلاة إلى الكعبة حين تحويل القبلة وهو في المدينة ، وهي كثيرة :
منها : موثّقة ابن عمّار : متى صرف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الكعبة؟ قال : « بعد رجوعه من بدر » (٢) إلى غير ذلك.
ومعنى كون الكعبة قبلة ، أنّه يجب التوجّه إليها ، بحيث يعدّ الشخص محاذيا مستقبلا لها ، متوجّها إليها عرفا ، سواء كان محاذيا حقيقة لعين الكعبة ، أو لجزء من جهتها بالمعنى الذي ذكرنا ، فإنه لا التفات إلى المحاذاة الحقيقية ، فإنّ معاني الألفاظ هي المصداقات العرفيّة. ثمَّ إن شئت سمّيت ذلك استقبال العين أو الجهة ، فإنّهما متحدان عرفا.
خلافا للمفيد (٣) ، وابني شهرآشوب وزهرة (٤) ، فقالوا : إنّ القبلة لأهل المسجد الكعبة ، ولغيرهم المسجد ، إمّا مقيّدا بالبعد عن الكعبة كالأول ، أو بعدم مشاهدتها كالثانيين ، لظاهر الآية الشريفة (٥) ، خرج القريب أو المشاهد بالإجماع ،
__________________
(١) الاحتجاج : ٢٧ ، الوسائل ٤ : ٣٠٢ أبواب القبلة ب ٢ ح ١٤.
(٢) رواها في الوسائل ٤ : ٢٩٨ أبواب القبلة ب ٢ ح ٣ ، والبحار ٨١ : ٧٦ عن إزاحة العلة في معرفة القبلة لأبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي.
(٣) المفيد في المقنعة : ٩٥.
(٤) حكاه عن ابن شهرآشوب في كشف اللثام ١ : ١٧٣ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٦.
(٥) ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ. وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) البقرة : ١٤٤.