ويجاب عن دليل الأول : باندفاع الأصل بعدم وجود الناظر ، وإطلاق الأخبار بالنسبة إلى وجوده وعدمه ، فيجب حملها على المقيّد ، وليس التباعد المأمور به في ذيل الأخير صريحا في قدر يمنع الرؤية ، فلا يقدح في إطلاقه ، فيمكن أن يكون التباعد في الجملة مطلوبا تعبدا.
مع أنّ الحسنة ليست نصّا في الجلوس للصلاة ، لاحتماله للإيماء للسجود ، كما هو المحكي عن السيد عميد الدين (١) ، بل هو الظاهر منها ، لمكان لفظة : « ثمَّ » وقوله : « فيومئان » بعد : « يجلسان ».
والصحيحة والموثّقة ظاهرتان بل صريحتان في وجود الناظر. والأخيرة ضعيفة ، وبالشهرة غير منجبرة.
وعن دليل الثاني : بمعارضة أصله مع أصل الأول في صورة وجود الناظر ، فيتساقطان لو لم يرجّح الأول بالشهرة العظيمة ، بل الإجماع المنقول في الخلاف على لزوم الجلوس مع عدم الأمن عن الناظر (٢) ، وتقيّد إطلاقاته بالمقيدات المتقدمة ، واندفاع دليله الأخير بمنع حصول استتار القبل باليد مطلقا إلاّ مع الخروج عن حد القائم ، والدبر بالأليين مع الهزال الكثير ، ولو سلّم فلا يخرج الشخص بذلك عن مصداق العريان الذي ورد في النصوص المفصّلة ، وكون العلّة محض استتار العورة غير معلوم.
وعن دليل الثالث : بمنع ضعف دليل المفصل ، كما مرّ.
ثمَّ مقتضى الأخبار المفصلة : القيام مع عدم الناظر ولو احتمل دخوله بعده أو وجوده حينئذ ، وهو مقتضى أصالة عدمه وأصالة وجوب القيام أيضا.
والمصرّح به في كلام أكثر المفصّلين التفصيل بين عدم الأمن من الناظر والأمن منه ، فيجلس في الأول. ولا دليل له تاما (٣).
__________________
(١) حكاه عنه في الذكرى : ١٤٢.
(٢) الخلاف ١ : ٤٠٠.
(٣) التقييد بالتام لإمكان الاستدلال باختيار وجوب الحفظ من الناظر الدال على المحافظة مع احتماله