أنّه لا تبطل الصلاة بالغسل بالماء المغصوب فكذا هنا.
والسرّ أن زوال النجاسة وحصول المستورية ونحوهما ليسا من العبادات الفاسدة بالنهي ، فمع التوصّل إليهما بالطريق المنهي عنه يحصلان ، وبعد حصولهما يتحقّق شرط الصلاة ، والشرط ليس منهيا عنه ، بل المنهي عنه طريق تحصيله.
ومن هنا نقول بعدم فساد الواجب بالتوصّل إليه بمقدّمة منهية عنها مع قولنا بوجوب المقدّمة وعدم جواز الاجتماع الأمر والنهي ولو في الواجبات التوصّلية ، فنقول : إنّ الواجب هو الإتيان بالمقدّمة المباحة للتوصّل إلى ذيها ، ولكن لكون وجوبها مشروطا بتوقّف الواجب عليه ينتفي وجوب المقدّمة بعد حصولها بأيّ نحو كان ، ولذا يحكم ببراءة الذمة بالتوصّل بالمقدّمة المنهية عنها إلاّ مع الانحصار.
نعم لو كانت المقدّمة ممّا يفسد بالنهي كالوضوء والغسل يفسد ذوها بفسادها ، وتمام التحقيق في ذلك في كتبنا الأصولية.
وأمّا القول ببطلان الصلاة للنهي المذكور المستلزم للأمر بالنزع الموجب للنهي عن ضدّه الذي هو الصلاة ، فمردود بعدم التضاد ، لاجتماعهما ، مع أنه معارض بالأمر بالصلاة الموجب للنهي عن النزع لو كان ضدّا له. فالمناط في الاستدلال بالبطلان : الإجماع والنصوص.
وأمّا صحيحة ابن بزيع : عن الصلاة في ثوب ديباج ، فقال : « ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس » (١) فمحمولة على غير المحض حيث لم يعلم كون الديباج حقيقة في المحض ، أو على حال الضرورة ، أو الحرب ، أو النساء ، حملا للعام على الخاص.
ولو منع ذلك ، يجب طرحها قطعا ، لمخالفتها الإجماع وموافقتها العامة (٢).
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٠٨ ـ ٨١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٥ ، الوسائل ٤ : ٣٧٠ أبواب لباس المصلي ب ١١ ح ١٠.
(٢) انظر المغني ١ : ٦٦١ ، وقد نسب فيه القول بالصحة إلى أبي حنيفة والشافعي.