ولصحيحتي يعقوب وصحيحة حريز ، المتقدّمة (١) ، وغيرها ممّا يأتي بعضه ، ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين الماشي في السفر أو الحضر سائرا في الطريق أو دائرا في بيته.
خلافا للحلّي (٢) ، والمحكي عن العماني (٣) فخصّا الجواز بالسفر وفيه على الراحلة ، للاقتصار ـ فيما خالف عمومات لزوم الصلاة إلى القبلة مطلقا ولو كانت نافلة ، وأصل توقيفية العبادة ـ على المجمع عليه وهو السفر ، وظهور بعض الصحاح المرخّصة لها في التقييد به.
ففي صحيحة ابن عمّار : « لا بأس بأن يصلّي الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشي ، ولا بأس إن فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار وهو يمشي ، يتوجّه إلى القبلة ثمَّ يمشي ويقرأ ، فإذا أراد أن يركع حوّل وجهه إلى القبلة وركع وسجد ثمَّ مشى » (٤).
مؤيّدا بالنصوص الواردة في تفسير قوله سبحانه ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا ) (٥) أنه ورد في النوافل السفرية خاصة (٦).
ويردّ ـ بعد تسليم وجوب الاستقبال في النوافل ، فإنّه ممنوع كما مرّ ـ بمنع وجوب الاقتصار على المجمع عليه ، لوجوب تخصيص العموم بالمخصّص إذا كان حجة ، وقد مرّ ، وحصول التوقيف به. ومنع ظهور الصحيح في التقييد إلاّ بمفهوم وصف ضعيف وارد مورد الغالب. ومنع دلالة النصوص على التخصيص ، إذ غايتها بيان ورود الآية فيه خاصة ، وهو لا يستلزم عدم المشروعية
__________________
(١) في ص ٤٥٩ و ٤٦٠.
(٢) السرائر ١ : ٢٠٨.
(٣) المختلف : ٧٩.
(٤) التهذيب ٣ : ٢٢٩ ـ ٥٨٥ ، الوسائل ٤ : ٣٣٤ أبواب القبلة ب ١٦ ح ١.
(٥) البقرة : ١١٥.
(٦) الوسائل ٤ : ٣٢٨ أبواب القبلة ب ١٥.