الصحيحة بالأذان ، وعدم عموم ولا إطلاق في الأوليين ، لورودهما في واقعة خاصة ، بل في أولاهما التصريح بعدم التكلّم ، وبأنه العلّة في الإجزاء ، فتبقى أصالة عدم سقوطها حينئذ خالية عن الدافع ، بخلاف الأذان ، فإنّ إطلاق الأخيرتين كاف في دفعها ، ولا يعارضه التقييد بعدم التكلّم في الأولى ، إذ لعلّه لسقوطهما معا.
ثمَّ إنّ سقوطهما حينئذ هل هو رخصة ، فتستحب إعادتهما أيضا أم عزيمة؟ الظاهر : الثاني وإن اتّسع الوقت بين السماع والصلاة ، وفاقا للمحكي عن المبسوط (١) ، ومحتمل الذكرى (٢) ، لأنّه مقتضى لفظ الإجزاء ، إذ معناه كفايته عن الأذان أو الإقامة المأمور به ، فإذا اكتفى عنه فلا يبقى أمر آخر.
وأيضا : مقتضى استحباب الإعادة عدم إجزاء المسموع ، وهو مخالف مدلول النصوص.
وخلافا لجماعة من المتأخّرين (٣) فقالوا بالأول ، وإليه يميل كلام المدارك والذخيرة (٤) ، للعمومات ، وعدم منافاة الإجزاء لها ، وظاهر الصحيحة ، فإنّ ظاهر قوله : « وأنت تريد أن تصلّي بأذانه » التخيير بين الصلاة به وعدمها ، وللأمر بإعادتهما للمنفرد إذا أذّن وأقام ثمَّ أراد الجماعة (٥).
ويردّ الأول : بتخصيص العمومات بما مرّ ، إذ لولاه وبقاء ما أمر به بالعموم فما الذي أجزأ عنه السماع؟! والثاني : بأن مقتضاه التخيير بين الصلاة بأذانه وعدم الصلاة ، لا بينها
__________________
(١) لم نجده في المبسوط ولم نعثر على حاكيه عنه.
(٢) الذكرى : ١٧٣.
(٣) كالكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٩٣ ، والفيض في المفاتيح ١ : ١١٦ ، وصاحب الحدائق ٧ : ٤٣٠.
(٤) المدارك ٣ : ٣٠٠ ، الذخيرة : ٢٥٨.
(٥) تقدم في ص ٥٢٠ ويأتي أيضا في ص ٥٣٣.