فعلى الأول : فمقتضى الأصل صحة الصلاة وعدم وجوب القضاء ، سواء ظهر وقوع الصلاة بتمامها قبل الوقت أو بعضها ، لأنّه متعبّد بعلمه وظنه ، فيكون ما أتى مأمورا به ، وهو يقتضي الإجزاء.
والقول بأنه يقتضيه لذلك المأمور به ، لا للمأمور به في الوقت ، مردود : بالعلم بكون الأول بدلا عن الثاني ، فإنّا نعلم أنه ليس ها هنا أمران ، بل أمر واحد ، وسبب التكليف والدالّ عليه هو الأمر الواحد ، فليس هنا إلاّ سبب واحد ، فلا تجري أصالة عدم تداخل الأسباب ، والحاصل هنا واحد وهو الأمر بالصلاة في الوقت ، وذلك الزمان وقت باعتبار علمه (١).
ولأنّ المراد بالوقت المضروب للصلاة : الظاهري ، وهو ما علم أنه وقت ، أو ظن بالظن المعتبر شرعا ، دون النفس الأمري ، فيكون إتيانه في وقته.
وتدلّ عليه في صورة وقوع بعضها خارج الوقت رواية ابن رباح ، المتقدّمة في المسألة السابقة (٢).
لكن خرج ما إذا وقع تمامها قبله بالدليل ، وهو ليس ـ كما قيل (٣) ـ أنه أدّى ما لم يؤمر به. أو موثّقة أبي بصير : « من صلّى في غير وقت فلا صلاة له » (٤). أو صحيحة زرارة : في رجل صلّى الغداة بليل ، غرّه من ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس ، فأخبر أنه صلّى بليل ، قال : « يعيد صلاته » (٥) أو رواية سماعة : « إياك
__________________
(١) وذلك بخلاف ما يأتي في الجاهل ، فإنه أمر بالصلاة في غير الوقت لأجل خطاب العقل كما يأتي.
ومما ذكر ظهر أن بدلية أحد الأمرين عن الآخر ليس بمحض الإجماع حتى يناقش فيه في بعض المواضع ، بل باعتبار عدم التحقق إلاّ لأمر واحد. منه رحمه الله تعالى.
(٢) راجع ص ٩١.
(٣) انظر : المنتهى ١ : ٢١٣.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٥٤ ـ ١٠٠٥ ، الوسائل ٤ : ١٦٨ أبواب المواقيت ب ١٣ ح ٧.
(٥) الكافي ٣ : ٢٨٥ الصلاة ب ٨ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٥٤ ـ ١٠٠٨ ، الوسائل ٤ : ١٦٧ أبواب المواقيت ب ١٣ ح ٥.