بيان :
قوله : « أقرب إليه من حبل الوريد » مشعر بأنّ قربه قرب بالعلّيّة والتأثير ؛ إذ الوريد عرق في صفحة العنق بقطعه تزول الحياة. وفيما بعده إشارة إلى قربه من جهة الإحاطة العلميّة.
ومنها : ما روي عن محمّد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا عليهالسلام قال : دخل رجل من الزنادقة على الرضا عليهالسلام وعنده جماعة ، فقال له أبو الحسن عليهالسلام : « أرأيت إن كان القول قولكم ـ وليس هو كما تقولون ـ ألسنا وإيّاكم شرعا سواء ، ولا يضرّنا ما صلّينا وصمنا وزكّينا وأقررنا؟ » فسكت ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : « إن يكن القول قولنا ـ وهو قولنا وكما نقول ـ ألستم قد هلكتم ونجونا؟ ».
قال : رحمك الله فأوجد لي كيف هو؟ وأين هو؟ قال : « ويلك إنّ الذي ذهبت إليه غلط ، وهو أيّن الأين ، وكان ولا أين ، هو كيّف الكيف ، وكان ولا كيف ، ولا يعرف بكيفوفيّة ولا بأينونيّة ، ولا يدرك بحاسّة ، ولا يقاس بشيء ».
قال الرجل : فإذا إنّه لا شيء إذا لم يدرك بحاسّة من الحواسّ ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : « ويلك لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه أنكرت ربوبيّته ، ونحن إذا عجزت حواسّنا عن إدراكه أيقنّا أنّه ربّنا ، وأنّه شيء بخلاف الأشياء ». (١)
فساق الحديث على وجه يدلّ على أنّه لا يخلو عنه فرش ولا عرش ولا برّ ولا بحر ، فلا أرض ولا ماء ولا نار ولا هواء ولا كرسيّ ولا سماء ولا غير من الأشياء ، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء ، خارج من الأشياء لا كشيء من شيء خارج.
__________________
٤ ؛ « أمالي الصدوق » : ٤٩٣ ـ ٤٩٤ / ٤ ؛ « علل الشرائع » ٢ : ٤٠٣ ـ ٤٠٤ / ٤ ؛ « الفقيه » ٢ : ١٦٢ ـ ١٦٣ / ٣٢ ؛ « الإرشاد » ٢ : ١٩٩ ـ ٢٠١ ؛ « كنز الفوائد » ٢ : ٧٥ ـ ٧٦.
(١) « الكافي » ١ : ٧٨ ـ ٨٠ باب حدوث العالم ... ح ٣ ؛ « التوحيد » : ٢٥٠ ـ ٢٥٢ ، الباب ٣٦ ، ح ٣ ؛ « عيون أخبار الرضا » ١ : ١٣١ ـ ١٣٢ ، الباب ١١ ، ح ٢٨ ؛ « الاحتجاج » ٢ : ٣٥٤ ـ ٣٥٦ ، احتجاجات الإمام الرضا ، ح ٢٨١.