مخصّص غير خارج ؛ لئلاّ يلزم احتياج الواجب في فاعليّته إلى أمر منفصل ، وذلك المخصّص هو الإرادة.
ويظهر ممّا ذكر أنّه تعالى كاره ؛ لأنّ إرادة الشيء تستلزم كراهة ضدّه إن لم تكن نفسها ، مضافا إلى أنّه تعالى نهى العباد ـ بالنهي التنزيهي ـ عن المكروهات ، فهو تعالى يكون كارها لها ، فالكراهة من متفرّعات الإرادة ، وهذا في إرادة الواجب.
وأمّا إرادة الممكن ، فلها مراتب حاصلة بعد الخطور :
الأولى : الميل الحاصل من اعتقاد النفع.
والثانية : العزم الذي هو توطين النفس إلى أحد الأمرين بعد سابقة التردّد فيهما.
والثالثة : الجزم الحاصل بعد زوال التردّد بالكلّيّة.
ولا يستلزم شيء منها الفعل ؛ لإمكان أن يجزم بأنّه سيقصد الفعل وقد حصل زوال التردّد بالكلّيّة ؛ لزوال شرط من شرائط الفعل أو حدوث مانع من موانعه ، فلا يوجد الفعل ، فإذا لم يكن ذلك التوطين البالغ حدّ الجزم موجبا للفعل ، فالذي لم يبلغه كان أولى بعدم الإيجاب.
والرابعة : القصد ، وهي الإرادة المقارنة للفعل التي لم تنفكّ عنه ، فكلّ فعل اختياريّ للممكن مسبوق بالأحوال الخمسة ، بل الستّة إن قلنا بأنّ الشوق الحاصل من اعتقاد النفع المسمّى بالميل غير نفس ذلك الاعتقاد ، كما هو الظاهر.
والدليل النقليّ على ذلك قوله تعالى : ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (١) وقوله تعالى : ( فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ ) (٢) ونحو ذلك.
وقال الفاضل اللاهيجي :
« الدليل على ثبوت الإرادة له تعالى ـ بعد ما اتّفق جميع أرباب العقول وأهل
__________________
(١) يس (٣٦) : ٨٢.
(٢) هود (١١) : ١٠٧ ؛ البروج (٨٥) : ١٦.