المقدّمات الممهّدة أنّ أمثال هذه الأحكام على كلّ فرد تسري إلى الجملة ، فلا مجال لهذا التوهّم.
ولك أن تقول : هاهنا سلسلتان : إحداهما سلسلة وجودات الحوادث ، والأخرى سلسلة عدماتها ، فإذا أخذنا مجموع الوجودات بحيث لا يشذّ عنها فرد ـ وكذا العدمات ـ فلا شكّ أنّ جملة العدمات ـ بحيث لا يشذّ فرد ـ متقدّمة على جملة الوجودات ؛ لتقدّم كلّ فرد منها على نظيره وعديله ، ومثل هذا الحكم يسري من الآحاد إلى الجملة ، ولأنّ جملة العدمات لمّا كان كلّ فرد منها أزليّا ، فالجملة أزليّة ، وجملة الحوادث حادثة ، وتقدّم الأزليّ على الحوادث ضروريّ ، ولا شبهة في إمكان أخذ المجموع بحيث لا يشذّ [ ؛ فإنّه ليس من قبيل الجملة اللاّيقفيّة التي لا يمكن فيها أخذ المجموع بحيث لا يشذّ ] (١) وقد أخذوا جملة الممكنات في دليل إثبات الواجب ، فيكون ممكنا ، فلا يكون في تلك المرتبة شيء من الحوادث وهو الانقطاع.
ولنا أيضا أن نقول : يتقدّم على كلّ حادث عدم أزليّ وهو عدم لهذا الحادث ، وينعدم معه جميع ما بعده من الحوادث التي هو معدّ لها ، وصدق (٢) هذا العدم يستوعب جميع آحاد سلسلة الحوادث ، وحكم الآحاد يسري إلى الجملة ، فيلزم عدم مجموع الحوادث رأسا وانقطاعها.
أو نقول : مجموع الحوادث واحد شخصيّ ؛ لأنّ كلّ جزء منه واحد شخصيّ ، وحادث أيضا ؛ لأنّ جميع أجزائه حادث ، فيلزم الانقطاع.
ونقول أيضا : السلسلة المذكورة معدّات عندهم ، والمعدّ يعتبر وجوده وعدمه في المعدود (٣) المتأخّر ، وكلاهما سابق عليه ، فنأخذ سلسلة العدمات اللاحقة السابقة
__________________
(١) الزيادة أضفناها من المصدر.
(٢) في المصدر : « سبق ».
(٣) في المصدر : « المعلول ».