مصلحة أقوى.
المثال الثاني : لو دار الأمر بين اطعام مجموعة من الجوعى المشرفين على الهلاك وبين التحفّظ على المال الشخصي من النقص بسبب الإطعام فأيّهما المقدّم بنظر العقلاء.
نعم النقض بما ذكرناه لا يكون ناقصا إلاّ بناء على الاحتمال الاول ومعه يتّضح سقوط الإطلاق في الاحتمال الخامس أيضا.
وأمّا الاحتمال الثاني فهو وان كان يضيّق من موضوع القاعدة إلاّ انّ اطلاق تقديم دفع المفسدة الخطيرة ـ حتى وان كان ما يقابلها من مصلحة أكثر خطورة وأهميّة ـ غير مسلّم لعين ما ذكرناه سابقا. فها نحن نشاهد العقلاء يبذلون الأموال الخطيرة بل يبذلون ما هو أعظم من الأموال في سبيل تحصيل مصالح أقوى وأشدّ وان كان يترتّب على تحصيلها الوقوع في مفاسد.
وبهذا يتعيّن ان يكون المراد من القاعدة أحد احتمالين أمّا الثالث أو الرابع ، والرابع والذي يفترض كون المفسدة أكثر أهميّة من المصلحة ـ هو القدر المتيقّن من القاعدة إلاّ انّه لو كان هو المتعيّن من القاعدة لكان من المحتمل قويا رجوع هذه القاعدة الى قاعدة قبح ترجيح المرجوح ، وحينئذ لا يكون لدفع المفسدة خصوصيّة تقتضي تقديمها في موارد الدوران بل انّ منشأ التقديم هو اتّفاق أهميّة المفسدة ، وبهذا لا يكون للقاعدة مورد مستقل عن قاعدة قبح ترجيح المرجوح إلاّ أن يدعى انّ المراد من المفسدة في القاعدة هي المفسدة الشخصيّة وان كان ما يقابلها مصلحة نوعيّة ، وعندها يكون لقاعدة دفع المفسدة مورد مستقلّ عن قاعدة ترجيح المرجوح. إلاّ انّ احتمال إرادة هذا المعنى من المفسدة في القاعدة بعيد جدا ، إذ انّ المتبنّيات العقلائيّة لا تراعي ـ كما قلنا ـ المصالح والمفاسد الشخصيّة إذا كانت منافية للمصالح والمفاسد النوعيّة.
وبهذا لا يبقى من الاحتمالات إلاّ