التي لها الدليليّة على الحكم الشرعي هي الأعم من المدركات العقليّة العمليّة والمدركات العقليّة النظريّة ، فكلّ مدرك عقلي صالح لأن يستنبط منه حكم شرعي فهو مشمول للدليل العقلي الذي يقول الاصوليين بحجيّته.
مثلا : الاستلزامات العقليّة تدرك بواسطة العقل النظري فهي داخلة بلا ريب في المقصود من الدليل العقلي ، وهكذا الكلام في المستقلات العقليّة المدركة بواسطة العقل العملي.
وقد شرحنا المراد من الاستلزامات والمستقلاّت وكذلك العقل العملي والنظري كلّ واحد تحت عنوانه.
الأمر الثالث : انّ المدركات العقليّة التي هي محلّ البحث في علم الاصول هي التي يمكن ان يستفاد منها استكشاف حكم شرعي أو نفي حكم شرعي ، فهي إذن خصوص المدركات الواقعة في رتبة الكتاب والسنة الشريفين والتي لها نفس الدور الثابت لهما ، أي دور الدليليّة والكاشفيّة عن الأحكام الشرعيّة. وبذلك يتّضح خروج نحوين من المدركات العقليّة عن البحث الاصولي.
النحو الاول : وهي المدركات العقليّة التي تثبت بها حجيّة الكتاب والسنّة الشريفين ، فهي إذن ليست في رتبة الكتاب والسنّة بل هي الموجبة لحجيّتهما ، وذلك لأنّ ثبوت الحجيّة لهما لا يمكن أن يتمّ بواسطة نفس الكتاب والسنّة وإلاّ لزم الدور المستحيل ، كما انّ الاعتقاد بصدق الكتاب والسنّة من الاصول الاعتقاديّة والتي لا يكتفى فيها بالظن فلا سبيل لثبوت الحجيّة لهما إلاّ الأدلّة العقليّة القطعيّة ، وهذه الأدلّة ليست محلا للبحث الاصولي كما انّها لم تقع محلا للنزاع.
النحو الثاني : وهي المدركات العقليّة الواقعة في رتبة معلولات الأحكام الشرعيّة ، أي انّها متأخّرة عن الحكم الشرعي ويكون الحكم الشرعي بمثابة العلّة لوجودها ، فلو لا تقرّر الحكم الشرعي في رتبة سابقة لما