وفي كلا القسمين لا بدّ لإثبات صلاحيّة السيرة العقلائيّة للدليليّة على الحكم الشرعي من امضاء الشارع لهذه السيرة ، ولكي يثبت امضاء الشارع للسيرة لا بدّ من تنقيح أمرين :
الأمر الاول : هو معاصرة السيرة لزمن المعصوم عليهالسلام ، إذ مع عدم احراز ذلك لا تكون ثمّة وسيلة لإثبات الإمضاء ، وذلك لأنّه غالبا ما يكون الإمضاء بواسطة السكوت وعدم الردع ، وهذا ما يستبطن معايشة المعصوم للسيرة وعندها يمكن الاستدلال بالسكوت وعدم الردع على التقرير والامضاء.
وهكذا لو كان الإمضاء بواسطة التصريح فإنّه لا يتعقل إلاّ مع معاصرة المعصوم عليهالسلام للسيرة إلاّ انّه عندئذ يكون التصريح بالإمضاء أحد أمارات معاصرة المعصوم عليهالسلام للسيرة ، نعم لو لم يكن لبيان الامام عليهالسلام المناسب للإمضاء دلالة على وجود السيرة فإنّ معاصرة السيرة لا يثبت بذلك إلاّ انّه يمكن إثبات مناسبة ما عليه السيرة الفعليّة لنظر الشارع بذلك ، والحجيّة حينئذ لكلام المعصوم عليهالسلام دون السيرة ، وهو خروج عن الفرض.
وبهذا يتنقح اعتبار معاصرة المعصوم عليهالسلام للسيرة التي يكون لها الدليليّة والكاشفيّة عن الحكم الشرعي.
الأمر الثاني : أن يكون عدم الردع للسيرة المعاصرة للمعصوم عليهالسلام كاشفا عن الامضاء ، وهذا لا يكون إلاّ إذا كان عدم الردع موجبا لامتداد السيرة للشئون الشرعيّة ، وعندها تكون أغراض الشريعة معرضا للخطر لو لم تكن متناسبة مع مقتضى السيرة ، ففي مثل هذا الفرض يكون عدم الردع معبّرا عن الإمضاء.
وهناك فرض آخر يكون معه عدم الردع معبّرا عن الإمضاء وهو ما لو كانت السيرة من الاستحكام والاستيثاق بحيث يحتمل امتدادها للشئون الشرعيّة ، وحينئذ يكون من