على خلاف ما عليه السيرة الفعليّة فإنّ ذلك لا يؤثر على ما هي الوظيفة المناطة بهذا القسم من السير ، وهي تنقيح موضوع الحكم الشرعي.
القسم الثاني : هي السيرة العقلائيّة التي تساهم في فهم الدليل وتكشف عن حدود مدلوله ، إذ لا ريب انّ للمتبنّيات العقلائيّة والمرتكزات العرفيّة دورا في تبلور الظهور للأدلّة اللفظيّة ، وانّ الظهور لا يتحدّد بالمداليل اللغويّة فحسب بل انّ المتبنيات العقلائيّة تشكّل قرائن لبيّة متّصلة يتحدّد بواسطتها ما هو المراد الجدّي من الأدلة اللفظيّة.
وهذا القسم من السير منوط باحراز معاصرتها للمعصوم عليهالسلام ، إذ انّ الظهور المعتمد للأدلّة اللفظيّة انّما هو الظهور المزامن لعصر صدور النصّ ، نعم يمكن الاستفادة من السيرة الفعليّة لإثبات أحد أمرين :
الأمر الأول : عدم امكان التمسّك بالمدلول اللغوي للدليل بقطع النظر عمّا هو مقتضى السيرة ، وذلك لأنّ السيرة الفعليّة توجب احتمال اكتناف الدليل بقرينة متّصلة مانعة عن ظهور الدليل فيما يناسب المدلول اللغوي ، وهذا الاحتمال لا نافي له ، فإمّا ان ننتهي الى القول باجمال الدليل وامّا ان نتمسّك بالدليل بالمقدار الذي تقتضيه السيرة.
الأمر الثاني : انّ هذه السيرة تساهم في الكشف عن انّ المستظهر من الدليل في عصر النصّ هو عينه الظهور الفعلي للدليل والمناسب لما تقتضيه السيرة ، وذلك لأنّ احراز السيرة الفعليّة موجب لإحراز الظهور الفعلي وعندئذ نتمسّك بأصالة عدم النقل المعبّر عنها بأصالة الثبات في اللغة ، فإنّ هذا الأصل لا يختصّ بالمدلول اللغوي ، بمعنى انّ هذا الأصل لا يثبت بقاء المدلول اللغوي وعدم تبدّله بتمادي الزمن فحسب بل يتّسع ليشمل حالات الشك في تبدّل الظهور المرتبط بالقرائن اللبيّة والمرتكزات العقلائيّة.
فإن كان الظهور المرتبط بالقرائن اللبيّة محرزا فعلا وشككنا في انّ هذا