ومثال ذلك : « لا تشرب الخمر » و « أكرم العلماء » ، فإنّ الإطلاق في المثالين شمولي ويقتضي انحلال الحكم الى أحكام بعدد أفراد الطبيعة المجعول عليها الحكم ، فلو أحرزنا انّ هذا السائل وذلك السائل والسائل الثالث خمر ، وأحرزنا انّ زيدا وخالدا وبكرا علماء فلا ريب في ثبوت الحرمة للأفراد الثلاثة وثبوت الوجوب للعلماء الثلاثة ، ولو اتّفق ان وقع الشك في خصوص الفرد الرابع من السائل وهل هو خمر أو لا ، واتّفق ان وقع الشك في عمرو وهل هو من العلماء أو لا ، فهل يؤول هذا الشك الى الشك في الفعليّة أو الى الشك في المكلّف به؟
والجواب : انّه لا إشكال في انّ مآل الشك في المثال الاول الى الشك في الفعليّة ، وذلك لأنّ الشك في خمريّة السائل الرابع معناه الشك في تحقّق موضوع الحرمة في ضمن هذا السائل ، ومعنى ذلك هو الشك في فعليّة الحرمة لهذا السائل.
وبتعبير آخر : انّ الشك في خمريّة هذا السائل يساوق الشك في التكليف الزائد ، وذلك لما ذكرناه من انّ ثبوت الحرمة ينحلّ الى حرمات بعدد أفراد طبيعة الخمر ، فلو أحرزنا خمريّة ثلاثة أفراد من السائل ، فهذا معناه احراز فعليّة ثلاث حرمات ولو شككنا في خمرية السائل الرابع فإنّ معنى ذلك هو الشك في تحقّق حرمة رابعة بإزاء الفرد المشكوك الخمريّة ، فهو إذن شك في تكليف زائد على التكاليف الثلاثة ، ولهذا يكون الأصل الجاري هو البراءة.
وبهذا يتّضح انّ الحكم إذا كان مجعولا على الطبيعة السارية أي بنحو الإطلاق الشمولي ، ووقع الشك في فرديّة فرد للطبيعة فإنّ مآل الشك في الفرديّة الى الشك في التكاليف الزائد أو قل الى الشك في فعليّة الحكم بالنسبة للفرد المشكوك من غير فرق بين أن تكون هناك أفراد نحرز مصداقيتها للطبيعة أو لم تكن.
الصورة الثانية : أن يكون ثبوت الحكم للطبيعة « الموضوع » بدليا ، أي