أن يكون الحكم متعلّقا بالطبيعة بنحو صرف الوجود ، وصرف الوجود يتحقّق بايجاد فرد من أفراد الطبيعة ، فالمكلّف في سعة من جهة اختيار أيّ واحد من أفراد الطبيعة على نحو البدل.
وحينئذ إذا وقع الشك في مصداقيّة فرد للطبيعة فإنّه لا يكون كالشك في الصورة الاولى ، وذلك لأنّ الشك في هذه الصورة لا يساوق الشك في التكليف الزائد.
ومثال ذلك : ما لو قال المولى : « أكرم عالما » وكنا نحرز انّ زيدا عالم إلاّ انّنا نشك في عالميّة عمرو ، فإنّ الشك في عالميّة عمرو لا يساوق الشك في التكليف الزائد ، لأنّ المفترض انّ التكليف واحد ولا ينحلّ الى تكاليف بعدد أفراد الطبيعة بعد ان كان تعلّق الحكم بالطبيعة بنحو صرف الوجود ، والإطلاق انّما هو من جهة سعة البدائل التي يمكن للمكلّف الامتثال بواسطة واحد منها ، فحينما نشك في فردية فرد فإنّ هذا الشك يساوق الشك في امكان امتثال الامر بالطبيعة بواسطة هذا الفرد المشكوك في مصداقيته للطبيعة ، وحينئذ لو اقتصر المكلّف على هذا الفرد في مقام امتثال الأمر بالطبيعة لظلّ شاكا في امتثال التكليف المعلوم.
ومن هنا فالأصل الجاري في المقام هو الاشتغال العقلي ، بمعنى عدم صحّة الاكتفاء ـ بهذا المشكوك ـ في مقام الامتثال ولزوم امتثال التكليف بواسطة الإتيان بفرد يحرز انّه من أفراد الطبيعة.
ثمّ لا يخفى عليك انّ جريان أصالة الاشتغال في الفرد المشكوك انّما هو باعتبار افتراض وجود فرد آخر نحرز مصداقيته للطبيعة المأمور بها بنحو صرف الوجود ، أما لو لم يكن سوى هذا الفرد المشكوك مصداقيته للطبيعة فإنّ الأصل الجاري في هذا الفرد هو البراءة ، وذلك لأنّ الشك في مصداقيته للطبيعة معناه الشك في تحقّق موضوع الحكم ، وهو يساوق الشك في تحقق الفعليّة والتي هي مجرى لأصالة البراءة.