مطابقة المأتي به للمأمور به ، وأمّا في المعاملات فليس كذلك بل انّ الصحّة في المعاملات تعني ترتيب الأثر على المعاملة ، فمتى ما كان أثر المعاملة مترتبا فإنّها تكون صحيحة أمّا إذا لم يترتّب الأثر على المعاملة فإنّها تكون فاسدة.
وبناء على هذا الاختلاف في معنى الصحّة كانت النتيجة هي انّ الصحّة في العبادات ليست من الأحكام الوضعيّة ، إذ انّها لا ترتبط بالجعل الشرعي ، وذلك لأنّ مطابقة المأتي به للمأمور به وعدم المطابقة انّما هو من الامور التكوينيّة القهريّة والتي لا تفتقر للجعل ، إذ لا يمكن أن يقال عن مصداق الطبيعة انّه ليس مصداقا لها ، كما انّ اعتباره مصداقا لها تحصيل للحاصل. وهكذا الكلام في الفساد فإنّ عدم مطابقة المأتي به للمأمور به لا يحتاج الى جعل بل هو ثابت في نفس الأمر بقطع النظر عن الجعل والاعتبار.
وأمّا الصحّة في المعاملات فلأنّ معناها هو ترتب الأثر على المعاملات افتقرت للجعل ، فما لم يعتبر الشارع ترتب الأثر على المعاملة فإنّها لا تترتب ، وهكذا الكلام في الفساد فإنّه منوط باعتبار الشارع عدم ترتب الأثر على المعاملة.
إلاّ انّ السيّد الخوئي رحمهالله حيث لم يقبل بدعوى الفرق بين معنى الصّحة في العبادات ومعنى الصحّة في المعاملات وذهب الى انّ لهما معنى واحد في العبادات والمعاملات معا وهو المطابقة وعدم المطابقة لأجل ذلك بنى على انّ الصحّة والفساد وفي المعاملات ليسا من الأحكام الوضعيّة بل هما من الامور التكوينيّة الغير المفتقرة للجعل والاعتبار إلاّ انّه فصّل بين الصحّة والفساد الواقعيّتين والصحّة والفساد الظاهريتين.
وأفاد بأنّ الصحة والفساد الواقعيّتين ليستا من الأحكام الوضعيّة ، وأمّا الصحّة والفساد الظاهريتين فباعتبار انّ موضوعهما هو الفرد المشكوك فإنّ للشارع الحكم بترتب الأثر عليه وعدم ترتيب الأثر ،