ولغرض اتّضاح مبنى الحسن والقبح العقلائيّين لا بدّ من بيان المراد من القضايا المشهورة. فنقول :
انّ المراد من المشهورات هو ما تطابقت عليه آراء الناس جميعا إمّا بما هم عقلاء أو بما هم انفعاليّون أو بما هم واقعون تحت تأثير العادات والتقاليد المتوارثة أو لاقتضاء الخلقيّات لذلك أو بسبب التلقين أو غير ذلك ، وتطلق القضايا المشهورة أيضا على القضايا التي تطابقت عليها آراء صنف من الأصناف أو مجتمع من المجتمعات.
وقد صنّفت القضايا المشهورة الى قسمين :
القسم الاول : المشهورات بالمعنى الاعم : ويقصدون منها القضايا التي وقع التطابق عليها بقطع النظر عن منشأ ذلك التطابق والتباني ، فقد يكون منشأ التباني هو انّها قضايا يقينيّة بديهيّة من نحو الاوّليات أو الوجدانيات أو المتواترات وهكذا ، كما قد يكون منشأ التباني والتطابق هو انّها من الآراء المحمودة من نحو الخلقيّات أو التأديبات الصلاحيّة والتي لا تعدو عن كونها متبنيات عقلائيّة ليس لها وراء اعتبار العقلاء واقع.
القسم الثاني : المشهورات بالمعنى الأخصّ ، ويعبّر عنها بالمشهورات الصرفة ـ كما ذكر ذلك المحقّق المظفّر رحمهالله ، والمقصود منها القضايا التي وقع التطابق والتباني عليها من قبل العقلاء دون أن يكون لها وراء تباني العقلاء واقع ، بمعنى انّها ليست من القضايا المدركة بواسطة العقل وانّما هي متبنّيات عقلائيّة أو عرفيّة تقتضيها في بعض الأحيان المصلحة النوعيّة والتي ترتبط بحفظ النظام الاجتماعي ، ويعبّر عن مثل هذه القضايا بالتأديبات الصلاحيّة وبالآراء المحمودة ، كما قد تقتضيها الانفعالات النفسانيّة كالحياء والغيرة ، أو تقتضيها العادات المتوارثة كطبيعة لباس الرجال ، ويعبّرون عن الاولى بالانفعاليّات وعن الثانية بالعادات.
والجامع المشترك بين تمام