الاحتمال الاول : انّها تشير الى حجيّة المدركات العقليّة العمليّة والتي هي من قبيل ما يدركه العقل من حسن العدل وقبح الظلم ، وهذا ما يمكن أن يستظهر من قرينة التعبير بالرؤية والذي يعطي بأنّ استحسانهم الذي يكون مقبولا عند الله تعالى انّما هو الاستحسان المدرك بواسطة العقل لا الاستحسان الذي يكون ناشئا عن الانس والألفة والاسترسال كما يتّفق كثيرا.
والمانع عن هذا الاستظهار هو نسبة الرؤية للمسلمين والحال انّ المناسب لهذا الاستظهار هو نسبة الرؤية للعقلاء.
إلاّ انّه قد يجاب عن ذلك بأنّ نسبة الرؤية للمسلمين انّما هو باعتبار سلامة فطرتهم ، إذ غالبا ما يكون عدم التديّن مانعا عن اللجوء الى ما يقتضيه المدرك العقلي ومقتضيا لملاحظة المصالح الخاصة أو المصالح المتّصلة بالانتماءات ، فيكون ذلك حائلا دون إدراك الحقائق أو موجبا للالتفاف عليها لو اتفق إدراكهم لها ، وحينئذ لا يكون من المناسب تصريح الشارع بقبول ما يدركه العقلاء ليست لأنّ ما يدركونه بمحض عقولهم ليس مقبولا بل انّ عدم التصريح ناشئ عن حيثيّة خارجيّة هي عدم توسّل غير المتديّنين غالبا بالعقل للتعرف على الحقائق.
والمتحصّل انّه من الممكن أن يكون منشأ نسبة الرؤية لخصوص المسلمين هو ما عليه الواقع الخارجي لغير المسلمين خصوصا فيما يتّصل بالسلوك العملي والذي غالبا ما يكون الرجوع فيه لمقتضيات العقل العملي منافيا للمصالح الشخصيّة أو الفئويّة.
الاحتمال الثاني : انّها تشير الى انّ الله تعالى شأنه غرس في جبلّة الإنسان ما يتعرف به على موارد الفضيلة والرذيلة والخير والشرّ ، فإذا أراد أن يتعرّف الإنسان على ما هو مرضي عند الله تعالى فليرجع الى ضميره فإنّه دليل الخير والصلاح ، وأمّا نسبة ذلك لخصوص المسلمين فلأنّ ضمائرهم