ثمّ انّه بناء على ذلك يلزم أن يكون للشارع في الواقعة الواحدة أكثر من حكم ، وذلك لاختلاف الأعراف من مجتمع لآخر بل انّ الأعراف العربيّة تختلف في بعض الأحيان باختلاف قبائلهم ، على انّه ما معنى ان يناط الحكم الشرعي بالعرف وما هو المصحّح لذلك!!
فإن كان المصحّح هو الملازمة بين ما هو متعارف وبين المصالح والمفاسد الواقعيّة فهذا معناه عصمة الأعراف عن الخطأ ، ولا أظنّ أحدا يلتزم بذلك.
وان كان المصحّح هو انّ الأعراف دائما تكون ناشئة عن المدركات العقليّة القطعيّة فهذا ما اتّضح فساده ممّا تقدم ، ولو اتّفق ذلك في بعض الاحيان فهو لا يبرّر اناطة الأحكام الشرعيّة بكلّ ما هو متعارف ، على انّ ذلك لو كان هو المصحّح لما كانت الأعراف هي مناط الأحكام وانّما هي كاشفة عن اشتمال متعلقاتها على مناطات الأحكام وهو خروج عن الدعوى.
وأمّا لو كان المصحّح هو محض كون الشيء متعارفا ومألوفا فهو ما لا يقبل العقلاء الالتزام به فضلا عن الشارع المقدّس ، إذ كيف يكون محض التعارف والألفة مبرّرا لجعل الحكم على وفقه. على انّ كلّ هذه المحتملات منقوضة بموارد كثيرة حكم الشارع فيها على خلاف ما هو متعارف.
فقد كان من المتعارف الزواج بأكثر من أربع ، وعدم استحقاق المرأة للميراث ، والزواج بزوجات الآباء وتبني غير الاولاد ، والحاق أولاد الزنا بآبائهم العرفيّين ، والتوارث بالولاية وبضمان الجريرة حتى مع وجود الطبقات.
كلّ ذلك كان مألوفا ومتعارفا ، فلو كان محض كون الشيء متعارفا هو مناط الحكم فما معنى أن تكون الأحكام الشرعيّة الثابتة بالضرورة منافية لهذه الأعراف.
وأمّا احتمال انّ الشارع لاحظ الأعراف فوجد انّ غالبيتها مطابقة