أي متصيدة باحدى الوسائل المنتجة للظنّ أو القطع بكون هذا الشيء هو العلّة بالمعنى الاول أو الثاني.
وبذلك يتّضح انّ قياس مستنبط العلّة هو الذي يتمّ فيه تعدية حكم ثابت لموضوعه الى موضوع آخر ، وذلك لاتّحادهما في العلّة المستنبطة.
وبهذا تعرف انّ هذا النحو من القياس تبذل فيه عنايتان ، الاولى هي التحرّي عن العلّة ، والثانية هي تعدية الحكم المعلوم من موضوعه الى الموضوع المجهول الحكم ، وتمام الأقسام المذكورة لهذا النحو من القياس انّما هي بلحاظ الاولى.
وقبل استعراض هذه الأقسام نذكر هذا التطبيق ليتّضح به معنى استنباط العلّة ، مثلا : عند ما نقف على هذا الحكم وهو حرمة التصرّف في مال اليتيم المستفاد من قوله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ ) ، فإنّه لم تذكر العلّة صريحا في الآية المباركة لا بالمعنى الاول ولا بالمعنى الثاني ، وعلينا هنا ان نستنبط العلّة من حرمة التصرّف في مال اليتيم.
فإذا تعلّق الغرض باستنباط العلّة بالمعنى الأوّل فهذا يقتضي البحث عن ملاك جعل الشارع الحرمة على التصرّف في مال اليتيم ، فنقول : انّ التصرّف في مال اليتيم ظلم ، إذن العلّة والملاك من جعل الحرمة على التصرّف في مال اليتيم هو الظلم ، وبهذا نتمكّن من نفي الحرمة عن التصرّف في أمواله لو لم يكن في ذلك التصرّف ظلم ، كما نتمكّن من إثبات الحرمة للتصرّف في أيّ مال إذا كان في ذلك التصرّف ظلم.
أمّا إذا تعلّق الغرض بالمعنى الثاني فهذا يقتضي مثلا تجريد لفظ اليتيم من مضمونه الدلالي ليكتسب وصف الضابطة الكاشفة عن موارد الحكم ، كأن يقال انّ المراد جدّا من اليتيم هو كلّ من لا يستطيع التصرّف في أمواله بصورة تعود بالنفع عليه.
وبهذا التجريد نتمكّن من اثبات الحرمة لمجموعة من الموضوعات مثل السفيه والمجنون والمغلوب على أمره