لاستضعاف أو قهر أما الى ذلك.
ثمّ انّ لاستنباط العلّة مجموعة من الطرق ، وهذه الطرق هي المعبّر عنها بأقسام قياس مستنبط العلّة.
القسم الاول : استنباط العلّة بواسطة الدوران ، بمعنى أن نجد انّ الحكم يدور مدار شيء وجودا وعدما دون التصريح بأنّ ذلك هو مدار الحكم ، وحينئذ نستكشف انّ علّة ثبوت الحكم لموضوعه انّما هو ذلك الشيء ، إمّا لأنّه مناط الحكم وعلّة جعله أو لأنّه الضابطة التي يتعرف بها على موارد ثبوت الحكم ، إذ لا معنى للدوران غير أحد هذين الأمرين.
ومثاله : وجوب الإعتداد على المرأة ، فنلاحظ انّ الشارع أوجب الإعتداد على المرأة لو طلقت بعد الدخول بها ونفى عنها وجوب الإعتداد لو طلّقت ولم يكن زوجها قد دخل بها أو كانت صغيرة أو يائسا ، وهذا معناه انّ وجوب الإعتداد يدور مدار أهليّتها للحمل.
وهذه هي العلّة المستنبطة ، وهي من العلل بالمعنى الثاني ، وبها نتمكّن من نفي وجوب الإعتداد على المطلقة لو كانت مقلوعة الرحم مثلا ، إذ انّها منطبق لهذه الضابطة المستنبطة ، وكذلك لو قطعنا بواسطة الوسائل العلميّة انّها عقيمة أو انّ زوجها كان عقيما أو انّها أو زوجها كان يستعملان موانع الحمل أو كان زوجها قد دخل بها في وقت أثبت العلم انّه لا يمكن معه الإخصاب ، فإنّ تمام هذه الموارد منطبق لهذه الضابطة المستنبطة.
والملاحظة التي ترد على هذه الوسيلة هو انّ الدوران يرجع دائما الى الاستقراء والتتبّع ، فنحن انّما نصل للدوران بواسطة تتبع واستقراء موارد ثبوت الحكم واستقراء موارد انتفاء الحكم وبواسطته نتمكّن من احراز دوران الثبوت والانتفاء مدار شيء معيّن ، وواضح انّنا لا نتمكّن من احراز الدوران إلاّ مع الاستقراء التام ، أما مع افتراض كون الاستقراء ناقصا فلا يمكن معه احراز الدوران.