هذا حاصل بعض ما أورده السيّد الخوئي رحمهالله على هذا الاحتمال الذي تبنّاه صاحب الكفاية رحمهالله.
الاحتمال الثالث : أن يكون المنفي في الرواية الشريفة هو الحكم الضرري ابتداء ، فيكون مؤدى الرواية هو نفي وجود الحكم الذي ينشأ عن امتثاله الضرر في الشريعة ، وهذا معناه عدم جعل الشارع حكما يكون امتثاله موجبا للوقوع في الضرر.
والمصحّح لنفي الضرر رغم إرادة نفي الحكم الضرري هو انّ الضرر انّما ينشأ عن الحكم ، أي عن امتثاله ، فهو معلول للحكم ، فيكون مساق الرواية الشريفة هو نفي العلّة بواسطة نفي معلولها ، إذ لا يتعقّل انتفاء المعلول « الضرر » ما لم تكن علته منتفية والتي هي الحكم.
وتوضيح ذلك : انّ الوضوء في حالات المرض ليس هو المنشأ للوقوع في الضرر ، إذ للمكلّف ان لا يتوضّأ فلا يقع في الضرر إلاّ انّه حينما يجعل الشارع الوجوب على الوضوء في حالات المرض فإنّ المكلّف حينئذ يكون ملزما بامتثاله وبامتثاله يقع في الضرر ، فالضرر إذن معلول للحكم بوجوب الوضوء في حالات المرض ، وذلك لأنّ الحكم بالوجوب يكون علّة للزوم الامتثال ، والامتثال موجب للوقوع في الضرر ، فتكون النتيجة هي انّ الضرر انّما ينشأ عن الحكم ، وهذا هو المصحّح لدخول النفي على عنوان الضرر رغم إرادة نفي الحكم ، إذ انّه حينما ينفي الضرر فهذا يلازم عرفا نفي العلّة الموجبة له ، وليس من علّة للوقوع في الضرر سوى جعل الحكم الضرري على المكلّف ولزوم امتثاله له.
وبهذا يكون النفي واردا على الحكم الضرري ابتداء ، فيكون مؤدى الرواية الشريفة هو انّ الشارع لم يجعل حكما يلزم منه الضرر ، وهذا الاحتمال تبنّاه الشيخ الأنصاري رحمهالله وتبعه في ذلك السيّد الخوئي رحمهالله.
* * *