فلو أراد الدخول في صلاة أخرى فإنّه ملزم بالإتيان بوضوء جديد لها ولا تكون قاعدة الفراغ التي أجراها لغرض تصحيح الصلاة صالحة لإثبات طهارته الحدثيّة.
ويمكن الاستدلال على ذلك بأنّ المجعول في الأصول العمليّة هو الجري العملي على طبق الأصل إذ أنّ الملحوظ حين جعل الحجّيّة للأصل هو نوع الحكم المشكوك وأهميته بنظر المولى دون أن يكون للمولى ملاحظة لكاشفيّة الأصل حتّى لمدلوله المطابقي فضلا عن الالتزامي ، إذ أنّ الأصل لا يكشف عن أنّ مؤدّاه هو الواقع ، وقد تكون للمولى ـ كما في موارد الأصول المحرزة ـ ملاحظة لكاشفيّة الأصل عن الواقع إلاّ أنّ الكاشفيّة ليست هي الملاك التامّ في جعل الحجّيّة للأصل بل إنّ الملاك هو الكاشفيّة مع ملاحظة نوع الحكم المشكوك وأهميّته بنظر المولى.
وبهذا البيان يتّضح ما هو المنشأ لمبنى المشهور في عدم حجّيّة المدلولات الالتزامية للأصول ، إذ أنّه لمّا كانت الحجّيّة مجعولة على الأصل العملي بوصف كونه وظيفة مقرّرة في ظرف الشكّ واهتمام المولى بهذه الوظيفة وأهميتها على سائر الوظائف دون أن يكون المنشأ لجعل هذه الوظيفة هو كاشفيّة الوظيفة العمليّة عن الواقع ، فإنّه لا يمكن في مثل هذه الحالة تعدية الحجّيّة الثابتة للوظيفة العمليّة لمدلولاتها الالتزامية إذ أنّه من أين لنا العلم أنّ الشارع جعل الحجّيّة للمدلول الالتزامي بالإضافة إلى المدلول المطابقي ، وهل هذا إلاّ « من حلب الدم » والتخرّص على المولى جلّ وعلا بغير علم ، نعم لو كان دليل جعل الحجّيّة صادقا عرفا على كلا المدلولين لكان ذلك مسوّغا للتمسّك بالمدلول الالتزامي كما هو الحال في بعض المدلولات الالتزاميّة للاستصحاب والبحث في محلّه.
وبهذا البيان اتّضح عدم حجية المدلولات الالتزاميّة للأصول العمليّة.