بصورة تامة في العلم الذي ينبغي له التصدي لبحثها ، فهذا العلم المعيّن انّما يبحثها استطرادا لتصبح بعد ذلك مبدأ تصديقيّا يعتمده كمقدّمة للوصول الى مطالبه ومسائله.
ولمزيد من التوضيح نذكر هذا المثال وهو قضيّة انّ الدور مستحيل فإنّ هذه القضيّة مسألة من مسائل الفلسفة ، وذلك لأنّ البحث عن ثبوتها والبرهنة عليه انّما يتمّ في ذلك العلم ، فلو استفاد منها علم آخر كمقدّمة لأقيسته المنتجة لمطالبة ومسائله فإنّها تكون مبدأ تصديقيا لهذا العلم ، ولو اتّفق انّ هذه القضيّة لم تنقح بالمقدار الذي تستحقّه في علم الفلسفة وتصدّى هذا العلم الآخر كعلم الكلام أو علم الاصول للبرهنة عليها فإنّ ذلك لا يصيّر هذه القضيّة من مسائل علم الكلام أو الاصول.
ومن هنا نحتاج إلى إضافة شيء الى ضابطة المسألة وهو انّ القضيّة لا تكون من مسائل علم إلاّ أن يكون موضوعها هو موضوع ذلك العلم أو يكون متحدا معه وجودا وان كان مغايرا لموضوع العلم مفهوما ، فيكون الاتحاد بينهما كاتّحاد الكلّي مع مصاديقه خارجا ويكون محمولها أحد العوارض الذاتيّة لموضوع العلم ، فإذا كانت القضيّة متوفّرة على أحد هذين القيدين فهي من مسائل ذلك العلم.
إلاّ انّه في مقابل هذا المبنى هناك من ذهب الى انّ ضابطة المسألة هي أن تكون داخلة في الغرض الذي اسّس من أجله ذلك العلم ، وهذا المبنى ناشئ عن دعوى عدم لزوم انّ لكلّ علم موضوع يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، وعليه يكون ضابطة اعتبار قضيّة من القضايا من مسائل علم هو دخولها في الغرض الذي من أجله اسّس ذلك العلم ، وهذا لا يعني دخول المبادئ التصديقيّة في العلم ، إذ انّها خارجة عن غرض العلم وتستعمل في العلم كوسائل يتوسّل بها للوصول الى مطالب العلم ومسائله الدخيلة في الغرض ، فلا فرق بين المبنيين من هذه الجهة.