يتوصّل بها للحكم الشرعي إلاّ أن تنضم اليها قضيّة عقليّة من قسم المدركات العقليّة النظريّة سواء كان البناء هو تطبيق هذه القضايا المستقلّة على فعل المكلّف أو كان البناء تطبيقها على أفعال المولى جلّ وعلا.
فمثلا قضيّة « قبح الظلم » والتي هي من المستقلاّت العقليّة المدركة بالعقل العملي يمكن التوسل بها للوصول الى حكم شرعي وهو حرمة ضرب اليتيم تشفيا إلاّ انّ هذه الحرمة الشرعيّة لا تثبت بمجرّد إدراك العقل بكون ضرب اليتيم تشفيا ظلما بل لا بدّ من انضمام مقدّمة عقليّة نظريّة ، وهي الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، فمع تماميّة هذه القضيّة تثبت الحرمة الشرعيّة لضرب اليتيم تشفيا وإلاّ لم يكن من الممكن اثبات الحرمة الشرعيّة بالقضيّة الاولى وحدها.
وأمّا ما يتّصل بتطبيق القضيّة العقليّة العمليّة المستقلّة على أفعال المولى جلّ وعلا فكما لو أدرك العقل قبح ترخيص المولى للظلم ، فإنّ ذلك وحده لا ينتج القطع بعدم صدور الترخيص من المولى للظلم ، فلا بدّ للوصول لهذه النتيجة ـ وهي عدم صدور الترخيص للظلم من المولى ـ من انضمام مقدّمة عقليّة نظريّة وهي استحالة صدور القبيح من الحكيم جلّ وعلا ، فمع تماميّة هذه المقدّمة تثبت النتيجة المذكورة.
والمتحصّل انّ مدركات العقل العملي المعبّر عنها بالمستقلاّت العقليّة لا تنتج الحكم الشرعي إلاّ مع انضمامها مع مقدّمة عقليّة من قسم المدركات العقليّة النظريّة ، هذا ما ذهب إليه المشهور في مقام تعريف المستقلاّت العقليّة ، وقد ذكر السيّد الصدر رحمهالله انّ المناسب الحاق موردين بالمستقلاّت العقليّة :
المورد الأوّل : هو ما لو أدرك العقل نوع العلل التي يترتّب عليها الحكم الشرعي ثم أدرك انّ هذا الشيء من نوع تلك العلل ، فإنّه وبواسطة البرهان اللمي يصل إلى الحكم الشرعي.