بل تشمل المصالح الشخصيّة ، ولو لم يكن ذلك مقصودا فإنّ المصلحة في التعريف الأوّل تبقى أوسع دائرة من التعريفين الآخرين ، وذلك لأنّها لم تقيّد بما تقتضيه الضرورة الحياتيّة للناس كما هو كذلك في التعريف الثاني.
وأمّا المصلحة في التعريف الثاني فهي وإن كانت أضيق دائرة من التعريف الأوّل إلاّ أنّها تشمل مطلق المصالح العامّة الضروريّة حتّى وإن لم تكن متّصلة بالأصول الخمسة ولم يكن تفويتها مقتضيا لفوات التحفّظ عليها أو على واحد منها.
وأمّا المصلحة في التعريف الثالث فتتّحد بما يؤول إلى التحفّظ على مقاصد الشريعة ، والمصحّح لإطلاق عنوان المصلحة على ذلك هو أنّ مقاصد الشريعة تنتهي جميعا إلى ما يعود بالنفع على الإنسان.
الأمر الثالث : إنّ المقصود من عنوان الإرسال هو عدم وجود النصّ أو الإجماع المقتضي للزوم اعتماده في مقام الإفتاء ، فوجود النصّ بمثابة القيد المانع للمجتهد عن أن يفتي بخلاف ما يقتضيه النصّ ، فإذا لم يكن ثمّة نصّ فهو ( المجتهد ) مرسل ومطلق العنان من جهته.
فله أن يسترسل ويجيل ذهنه ليقف على مقتضيات المدرك العقلي أو الاعتبارات الأخرى.
والتعريفات الثلاثة تتّفق جميعا من جهة أنّ منشأ التعبير بالإرسال هو عدم وجود النصّ أو الإجماع ، نعم هي تختلف من جهة أنّ النصّ المعتبر عدمه في تحقّق الإرسال هل هو النصّ الخاصّ كما هو مقتضى التعريف الأوّل والثالث على أحد القولين أو الأعمّ منه ومن العام كما هو مقتضى التعريف الثاني.
ويحتمل أنّ المراد من عنوان ( المرسلة ) هو العامّة ، فالمصلحة المرسلة هي المصلحة العامّة في مقابل المصلحة الشخصيّة ، فالمصحّح للإفتاء هو المصلحة العامّة دون المصلحة الشخصيّة.