تارة تكون بيّنة بالمعنى الأخصّ واخرى تكون بيّنة بالمعنى الأعمّ ، فهل المفهوم هو مطلق اللازم البيّن أو هو مختصّ باللازم البيّن بالمعنى الأخصّ؟
ذهب المحقّق النائيني رحمهالله وكذلك السيّد الخوئي رحمهالله الى اختصاص المفهوم باللازم البيّن بالمعنى الأخص ، إذ هو الذي يحصل الوثوق بإرادة المتكلّم له بمجرّد استظهار إرادة المنطوق ، وأمّا اللازم البيّن بالمعنى الأعم والذي يحتاج تصوّره الى تصور الملزوم واللازم والنسبة بينهما فقد يغفل المتكلّم عنه فلا يكون مريدا له بالإضافة الى إرادة المنطوق ، فلا يمكن استظهار إرادته بمجرّد استظهار إرادة المنطوق.
الأمر الثاني : نسب الى الحاجبي تعريف المفهوم « بأنّه ما دلّ عليه اللفظ لا في محلّ النطق » ، وعرّف أيضا بأنّه « حكم غير مذكور » وبأنّه « حكم لغير مذكور » ، والتعاريف الثلاثة تناسب ما ذكرناه في الأمر الأوّل.
أمّا التعريف الاوّل : فالمراد من مدلول اللفظ الذي لا يكون واقعا في محلّ النطق هو اللازم البيّن ، إذ اللازم غير البيّن ليس مدلولا للفظ ـ كما تقدّم ـ وانّما هو مدلول للمقدّمة العقليّة كدلالة وجوب الشيء على وجوب مقدّمته ودلالة وجوب الشيء على حرمة ضده.
ثمّ انّ المراد من اللازم هو خصوص اللازم البيّن بالمعنى الأخص ، وذلك لأنّ اللازم البيّن بالمعنى الأعم وان كان من المداليل اللفظيّة إلاّ انّه غير مقصود من التعريف لعدم امكان احراز إرادة المتكلّم له بمجرّد احراز إرادته للمنطوق ، إذ من الممكن جدا غفلة المتكلّم عنه لاحتياج تصوّره الى تصوّر الملزوم واللازم والنسبة بينهما ، وهذا بخلاف اللازم بالمعنى الأخصّ فإنّ تصوّر الملزوم « مدلول اللفظ » يساوق تصوّر اللازم ، ومنه يمكن استظهار إرادته بمجرّد استظهار إرادة المنطوق. وبهذا يتعيّن إرادة اللازم البيّن بالمعنى الأخصّ من تعريف الحاجبي.