لمقدميّة المقدّمة هو الامور التكوينيّة والمدرك لذلك هو العقل ، ومن هنا عبّر عنها بالمقدّمة العقليّة ، كما قد يكون المنشأ لمقدميّة المقدّمة هو اعتبار الشارع ، فتكون المقدّمة بذلك شرعيّة ، وقد يكون منشأ مقدميّتها هو مقتضيات العادة ، وهذا ما يبرّر التعبير عن المقدّمة المقتضاة عن العادة بالمقدّمة العاديّة.
أمّا المراد من المقدّمة العقليّة : هو ما كان وجود ذي المقدّمة مستحيلا واقعا بدون وجودها ، وبعبارة اخرى انّ المقدّمة العقليّة هي التي يتوقّف واقعا وجود ذي المقدّمة عليها ، ومعه يستحيل عقلا تحصيل ذي المقدّمة دون تحصيلها أو قل دون وجودها.
ويمكن التمثيل لها بالعلل التكوينيّة بالنسبة لمعلولاتها ، فلو كان المعلول واجب التحصيل فهذا يتوقف على ايجاد علّته التكوينيّة التي يستحيل وجود المعلول بدونها ، فلو وجب على المكلّف احراق شيء فإنّ ذلك يستحيل تكوينا إلاّ بايجاد النار ، وذلك لأنّ الإحراق معلول تكوينا للنار.
وأمّا المراد من المقدّمة الشرعيّة : فهي عبارة عن المقدّمات التي علّق الشارع صحّة المأمور به عليها بحيث لا يكون المأمور به واجدا للصحّة ما لم يكن متوفرا على هذه المقدّمات ، وهذه هي المقدّمات المعبّر عنها بمقدّمات الصحّة وبالمقدّمات الخارجيّة أو الداخليّة بالمعنى الأعمّ والتي هي القيود المعتبر وجودها أو عدمها في المأمور به كما اتّضح ممّا تقدّم ، ومنشأ التعبير عنها بالشرعيّة هو انّ الشارع نفسه اعتبر المأمور به متقيّدا بها.
وقد حاول صاحب الكفاية رحمهالله إرجاع هذا النحو من المقدّمات الى المقدّمات العقليّة بتقريب هو انّ اعتبارها شرطا في المأمور به معناه استحالة تحقّق المأمور به بدونها ، إذ انّ المشروط مستحيل وجوده عند عدم وجود شرطه ، فاعتبارها من قبل الشارع شرطا في المأمور به يفضي الى