إدراك العقل لاستحالة تحقّق المشروط وهو المأمور به دون تحقّقها ، إذ لا يمكن تحقّق الواجب المتحصّص بها ما لم يكن واجدا لها.
وأمّا المقدّمة العاديّة : فهي المقدّمة التي اقتضت العادة الإتيان بها لغرض تحصيل ذيها دون أن يكون ذو المقدّمة متوقفا عليها ، بمعنى انّه يمكن تحصيل ذي المقدّمة حتى مع عدم وجودها.
والمقدّمة بهذا المعنى خارجة عن محلّ البحث ، إذ لا ريب في عدم ترشّح وجوب من ذي المقدّمة الى المقدّمات التي لا يتوقّف وجود ذي المقدّمة عليها.
إلاّ انّه قد تطلق المقدّمة العاديّة ويراد منها المقدّمات التي يستحيل خارجا وجود ذي المقدّمة عند عدم وجودها باعتبار انّ المقدّمات الاخرى الممكنة ذاتا غير متحقّقة فعلا.
وبتعبير آخر : انّ بعض المقدّمات لا يكون عدم وجودها مفضيا الى عدم وجود ذيها ، وذلك باعتبار امكان تحقّق ذي المقدّمة بواسطة مقدّمات اخرى ممكنة وقوعا إلاّ انّه وباعتبار عدم وجود تلك المقدّمات الممكنة وقوعا ينحصر وجود ذي المقدّمة بها فيستحيل بذلك تحقّق ذي المقدّمة بدونها. والتعبير عنها بالعاديّة بلحاظ امكان تحقّق ذيها بوسائط اخرى ممكنة وقوعا إلاّ انّ المتوفّر عادة هو مقدّمة معيّنة.
ومثال ذلك السفر الى الحجّ ، فإنّ الكون في مكّة المكرّمة للآفاقي دون طي المسافة مستحيل وقوعا ، بمعنى انّه يلزم من فرض وقوعه محال وهو الطفرة إلاّ انّ الكون قد يحصل بوسائط اخرى غير السفر مثل المعجزة والتي هي ممكنة وقوعا إلاّ انّه وباعتبار انّ المعجزة غير متحقّقة ينحصر الكون في مكّة الشريفة بتحصيل السفر ، فيستحيل عقلا تحقّق الكون فيها دون تحصيل السفر ، وبهذا تؤول المقدّمة العاديّة إلى المقدّمة العقليّة ، فتكون داخلة في محلّ النزاع.
* * *