مجعولة على حالة من حالات ذلك الموضوع أو المتعلّق أو على حيثيّة من حيثيّاتهما ، وهذه الحيثيّة الملحوظة تارة تستوجب تعميم الحكم وتارة تستوجب التضييق من دائرته ، غاية ما في الأمر أنّه قد يصرّح في الخطاب بالحيثيّة التي انصبّ الحكم على الموضوع أو المتعلّق بلحاظها وقد لا يصرّح بذلك اتّكالا على ما هو مرتكز في ذهن أهل المحاورة من تناسب بين الموضوع وبين الحكم المجعول عليه ، فنلاحظ العرف ـ ونتيجة لملابسات خارجيّة أو مستفادة من أجواء الخطاب أو من مناشئ أخرى ـ يلغي في بعض الأحيان بعض خصوصيّات الموضوع ، وفي أحيان أخرى يجزم بالخصوصيّة ، وفي حالات يعدّي الحكم من موضوعه المذكور في الخطاب إلى موضوعات أخرى ، وهكذا.
كلّ ذلك ناشئ عن مناسبات بين الحكم والموضوع نشأت ـ كما قلنا ـ عن ملابسات خارجيّة من قبيل عدم إمكان ثبوت الحكم للموضوع من جهة معيّنة ، ويمكن التمثيل لذلك بما روي عن أبي الحسن عليهالسلام أنّ كلثم بنت مسلم ذكرت الطين عند أبي الحسن عليهالسلام فقال : « أترين أنّه ليس من مصائد الشيطان ، ألا إنّه لمن مصائده الكبار وأبوابه العظام » ، فإنّ المستظهر من هذه الرواية هو حرمة الطين إلاّ أنّ الحيثيّة التي جعلت عليها الحرمة غير مصرّح بها في الرواية إلاّ أنّه من غير الممكن عرفا أن تكون الجهة الملحوظة في الموضوع هي وطئ الطين مثلا.
أو تكون مستفادة من أجواء الخطاب كما في قوله عليهالسلام : « حرّمت الخمرة لإسكارها » ، فإنّ الموضوع وهو الخمرة لها حيثيّات كثيرة من قبيل المعاوضة عليها ومن قبيل الاحتفاظ بها وهكذا ، إلاّ أنّ التعليل المذكور في الخطاب يناسب أن يكون الحكم مجعول على الشرب إذ هو الذي يوجب الاسكار دون بقيّة حيثيّات الموضوع.